أن يتصف بصفة الدعوة ويوجب انقداح الداعي في نفس العبد وإن كان في مقام الانقياد ما لم يصل إليه.
فلا يعقل أن يكون الانشاء بالداعي المزبور داعيا بالامكان إلا بعد وصوله حتى يكون بحيث يترتب على مخالفته العقاب ليكون محققا للدعوة على أي تقدير ، فمجرد الالتفات والاحتمال لا يصحح الدعوة على أي تقدير ، ويخرج من الامكان إلى الوجوب إذا خلا العبد عن منافيات العبودية.
ومن الواضح أن التضاد والتماثل بين البعثين والزجرين والبعث والزجر فان استحالة داعيين متماثلين أو متضادين إنما هي مع وجود الموجب لهما ، والمفروض أن الأمر الواقعي الغير الواصل لا يوجب الدعوة ، فلا منافي للبعث والزجر الحقيقين على طبق الأمارة المتضمنة للتكليف أو الترخيص على خلاف الحكم الواقعي ، فالأمر في الأحكام الظاهرية من قبيل المقتضى وفي الواقعية من قبيل اللاّاقتضاء.
وينطبق هذا التوجيه على ما هو المشهور من كون الأحكام الظاهرية مطلقا أحكاما حقيقية بخلاف بعض التوجيهات الآتية ، والفرق بينه وبين حمل الحكم الظاهري على الفعلي والواقعي على الانشائي المحض لا يكاد يخفى ، كما سنوضحه إن شاء الله تعالى.
٥٦ ـ قوله « قده » : والحجية المجعولة غير مستتبعة لانشاء ... الخ (١)
توضيح المقام أن الحجية بمعنى الوساطة في الإثبات تارة تلاحظ بالإضافة إلى الواقع وأخرى بالإضافة إلى أثر الواقع ، وحيث إن اثبات الواقع حقيقة غير معقول فلا محالة يراد اثبات الواقع عنوانا.
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٧٧.