وقد عرفت أن الكلام هنا متمحض في الفرق بين العلم التفصيلي والإجمالي.

وإن كان انحفاظ المرتبة بلحاظ فعليّة الحكم الواقعي من وجه وفعليّة الحكم الظاهري من جميع الوجوه ولا منافاة بين الفعليّة المطلقة ومطلق الفعليّة بل بين الفعليّين من كل وجه وهو الفعلي بقول مطلق وهذا هو المراد هنا كما نص عليه في مبحث الاشتغال (١).

ففيه أن الفعلي من وجه لا معنى له إلا ما ذكرناه سابقا في شرح كلامه وتصحيح مرامه « زيد في علو مقامه » (٢) من أنه الإنشاء بداعي جعل الداعي دون غيره من الدواعي ، لاستحالة صيرورته بعثا وزجرا للزوم الانقلاب ، ومثل هذا الإنشاء هو تمام ما بيد المولى وتمام ما يتحقق منه بالفعل ، وقيام الحجة عليه يجعله مصداقا للبعث والزجر فعلا ، فيكون فعليّا من جميع الوجوه.

إلا أن الفعلي من وجه بهذا المعنى إنما يمكن جعل حكم فعلي مطلق على خلافه أو على وفاقه إذا كان محتملا أو مظنونا ، فانه ما لم تقم الحجة عليه لا يكون فعليا مطلقا كي يلزم اجتماع الضدين والمثلين ، وأما إذا قامت الحجة عليه ، فلا.

وقد بينا أن العلم الإجمالي في حدّ العلميّة كالعلم التفصيلي ، ولا فرق في الوصول المقوم للباعثيّة الفعليّة والزاجريّة الفعليّة بين الوصول التفصيلي والإجمالي.

ومع كفاية هذا المقدار من الوصول عقلا في تحقق البعث والزجر ، فلا يعقل بعث آخر أو زجر آخر أو ترخيص على خلاف الحكم الواصل.

وأما ما أفاده شيخنا العلامة « قدس سره » في البحث وأشار إليه في (٣)

__________________

(١) كفاية الأصول / ٩ ـ ٣٥٨.

(٢) التعليقة ٣٠.

(٣) قد تعرض له المصنف قدس سره في التنبيه الرابع حيث قال في جواب إشكال أورد على نفسه

۴۴۰۱