٣٩ ـ قوله « قده » : إلاّ أن الشأن حينئذ في جواز جريان ... الخ (١).

المراد من الأصل الجاري في أطراف المعلوم بالإجمال : إما أصالة عدم الوجوب وأصالة عدم الحرمة ، وإما أصالة الإباحة وأصالة الحل المستفادة من قوله عليه السلام : « كل شيء لك حلال » وأشباهه.

فإن أريد أصالة عدم الوجوب وعدم الحرمة فوجه الإشكال أنه لا يترتب عليها فائدة بحيث لم تكن لو لا جريان الأصلين المزبورين ، لمكان استقلال العقل بعدم الحرج في الفعل والترك ، فهو المستند للفعل المحتمل حرمته وللترك المحتمل وجوب نقيضه.

وفيه أولا أن جريان الاستصحاب منوط بوجود أركانه من اليقين والشك الموجودين هنا ، وكون المتعبد به حكما عمليا مجعولا أو موضوعا ذا حكم عملي ، والمفروض أن الوجوب والحرمة حكمان عمليان مجعولان إثباتا ونفيا ، وعدم حصول الغاية العقليّة ، لأن مثل هذا العلم الإجمالي على الفرض غير منجّز لا للوجوب والحرمة بعنوانهما ولا للالزام الجامع بينهما كما عرفت.

وثانيا بأن حكم العقل إنما يكون مستندا للفعل والترك ما لم يكن التكليف فعليا إثباتا أو نفيا ، فكما أنه لا مجرى له إذا صار الحكم فعليّا ، كذلك إذا صار عدمه فعليّا ، ومع فعليّة عدم الحكم بلسان الأصل لا مجرى لحكم العقل ، فهو المستند للفعل والترك دون حكم العقل كما سيأتي نظيره إن شاء الله تعالى في أوائل البحث عن تأسيس الأصل في الظن.

وإن أريد أصالة الحل والإباحة المستفادة من أدلة البراءة ، فوجه الإشكال : إن كان مجرد الاضطرار إلى أحد الأمرين من الفعل والترك ، فهو موجود في تمام موارد الاباحات لعدم خلو الانسان من الفعل والترك ، وهو غير

__________________

(١) كفاية الأصول / ٢٦٩.

۴۴۰۱