فقول القائل ما يخبر به عني فهو ما يخبر به عني ليس إلاّ لبيان واقعيّة المخبر به ، لا واقعيّة الإخبار به ، فتصديقه عليه السلام لكونه عنه ، ليس بلحاظ كون الخبر عنه فان هذه النسبة قطعية والمشكوكة كون المخبر به عنه ، فيكون تصديقا منه عليه السلام لهذه النسبة ، لا لتلك النسبة ، فتدبّر جيّدا.

لا يقال : فحينئذ لا أثر لكونه عنه عليه السلام فما فائدة هذا التنزيل.

لأنّا نقول : كونه عنه عليه السلام ليس بلحاظ أثر وصوله عنه عليه السلام بل لبيان واقعيّة المخبر به حيث لا يقول عليه السلام إلا صدقا.

وأما الآيات ، فآية النبأ أيضا تدل على التنزيل منزلة الواقع.

وتوهم التنزيل منزلة الواقع الواصل بدعوى أن خبر العادل حيث إن مؤدّاه كان مبينا شرعا تنزيلا لم يجب فيه التبين ، وخبر الفاسق حيث إنه لم يكن كذلك وجب فيه التبين ، فالمدار على الواقع المبيّن.

فاسد فان التبين ليس لتتميم موضوع الحكم ولا لتنجيز الواقع بالعلم بصدقه ، بل لظهور الواقعيّة وعدمها ، وعدم كونه لتتميم الموضوع واضح ، وكذا عدم كونه للتنجيز ، فإن الردع على الاعتماد على نبأ الفاسق ليس لأجل رعاية حال المكلف من حيث عدم تنجّز الواقع بنبإ الفاسق ، بل من حيث إنه يوجب وقوعه في خلاف الواقع وإصابة القوم بجهالة.

وأمّا آية النفر ، فوجوب التحذر وإن كان يدل على ترتب العقاب على ما أنذروا ، لكنه كما يحتمل أن يكون لتنجز الواقع بالخبر عنه ، كذلك يحتمل أن يكون لجعل الحكم المماثل على طبق ما أنذروا ، وعلى أيّ حال ليست الآية في مقام تتميم موضوع الحكم ، بل إمّا في مقام جعل الحكم المماثل على طبق المخبر به ، أو تنجيز المخبر به بالخبر ، وكذا غيرهما من الآيات.

وأما بناء العقلاء ، فقد مر مرارا أن بناء العقلاء عملا على مؤاخذة العبد إذا خالف ما أخبر الثقة به عن مولاه مثلا لا على جعل الحكم المماثل.

ولكن على أي تقدير ليس الخبر عندهم متمّما لموضوع الحكم ، فاحتمال

۴۴۰۱