النشأة الآخرة ، ولا كمعرفة النبي والأئمّة عليهم السلام حيث إنهم مشاكي نوره تعالى ومجالي ظهوره تعالى ، ولذا ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : معرفتي بالنورانيّة معرفة الله ، وعن خاتم النّبيّين صلّى الله عليه وآله : من رآني فقد رأى الحق.
ومن الواضح أن العلم وإن كان نورا وكمالا للجوهر العاقل لكن شرف العلم بشرف معلومه ، فليس كل معلوم موجبا للسّعادة الأبديّة بحيث يكون شهوده موجبا للابتهاج به لكونه أفضل موجود وأشرفه وأبهاه.
ومما يشهد لذلك أن الدّنيا مزرعة الآخرة وأن المعرفة هنا بذر المشاهدة هناك.
وهذا إنّما يكون في ما إذا لم يعرف هنا لم يكن مشاهدا هناك كذاته وصفاته ومجاليها التامّة وأسمائه الحسنى وأمثاله العليا.
وأما الآخرة بما لها من الخصوصيّات فسواء عرفها هنا أو جهلها تكون مشهودة لأهل النشأة الآخرة عيانا ، قال الله تعالى : ( ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ) (١) فافهم جيّدا.
وأما الثاني فلا دليل عليه عقلا ولا نقلا ، بل الدّليل على الالتزام به إجمالا إذا لم يعرف تفصيلا ، والالتزام به تفصيلا إذا علم به كذلك ، وأما تحصيل معرفته تفصيلا فلا ، والكلام فيه لا في الأوّل.
وأما أن عدم الالتزام فيما ذكر سبب مستقل للكفر أو راجع إلى عدم الالتزام بالرسالة ففيه كلام بين الأعلام.
وربما يستظهر الأول نظرا إلى حكم المشهور بكفر النّواصب مع أن مودّة ذي القربى ليس عند النّواصب ضروريّة بل يتقرّبون ببغض أمير المؤمنين عليه
__________________
(١) التكاثر : ٧.