السلام فكيف يرجع إلى تكذيب الرّسول صلّى الله عليه وآله في رسالته.

لكنّك عرفت فيما تقدّم (١) أن إيجاب بعض الأمور للخلود في الجحيم ليس من باب إنكاره تعالى أو إنكار رسوله صلّى الله عليه وآله ، بل معاداة الحق عند تماميّة الحجّة وإن لم ينظر فيها موجبة للاحتجاب عن الحقّ ، فالمعادى والمعاند للحق بنفس معاداته للحق محجوب عن الحق ومحروم عن ينبوع الحياة الأبديّة وتمام الكلام في محله.

وأما الثالث فنقول : المعرفة والعلم بالنشأة الآخرة وأحوالها وأهوالها وأسرار الطاعات وكيفيّة تأثيرها وكذا المعاصي والملكات الفاضلة والرذيلة وكيفية تأثير التوبة وتطهيرها للنّفس وسرّ الشفاعة وأنّها تختصّ بأهلها كل ذلك لها دخل عظيم في فعل الطاعة والمواظبة عليها والتّجنّب عن المعاصي والرغبة التامّة في تخلية النفس عن الرذائل وتحليتها بالفضائل واكتساب المعارف الإلهيّة.

بل مرّ منّا مرارا أن دعوة التكاليف متقوّمة باستحقاق العقاب على الفعل أو التّرك في غالب النّفوس.

إلا أن الالتزام الجدّي بالواقع ولو لم يعلم به تفصيلا يكفي في دعوة النفس إلى فعل كلّ واجب عملي أو غيره ، وكذا إلى ترك كلّ حرام ، كيف واحتمال الاستحقاق يكفي في ذلك؟ سواء كان منشأ الاحتمال الجهل بالتكليف أو بما يترتّب عليه مع الترتب عليه جزما لو كان ثابتا واقعا فلا يجب عقلا تحصيل المعرفة.

هذا كلّه إن كان المراد بالإيمان المطلوب في باب العقائد مجرد الالتزام القلبي وعقد القلب ولو على الواقع.

وأما إن كان المراد به العلم التصديقي بشيء مع الثّبات عليه بعدم الميل

__________________

(١) التعليقة ١٦٥.

۴۴۰۱