ومن البيّن أن اللازم قيامه مقام النبيّ صلّى الله عليه وآله من كان شأنه شأن النّبي في تبليغ الأحكام الواقعيّة لأن إيصال المصالح الواقعيّة الباعثة على جعل الأحكام على طبقها كما يستدعي إرسال الرسول لتبليغها كذلك يقتضي نصب من يبلّغها بعد الرسول صلّى الله عليه وآله.

ومن الواضح أن من كان له ملكة العصمة بحيث لا بد من أن يكون كذلك ليس إلاّ من كان مؤيّدا من عند الله ، ولا يعرف مثله المتعارف من الناس ، بل لا بد من تعريفه بتنصيص من الله تعالى أو من الرسول أو من إمام مثله.

وإن كان الثاني فالأمر أوضح ، إذ العارف بالمعارف الإلهيّة لا يكون إلا ذا نفس قدسيّة متّصلة بالمبادي العالية ، ولا يعرف مثله إلاّ بالنّص عليه من الله تعالى أو من الرسول أو إمام مثله فيجب نصبه على الله تعالى على لسان نبيّه صلّى الله عليه وآله.

ومن الواضح أن الغاية المقصودة من خلق الخلق بل من تشريع الشرائع هي معرفة المعارف الربوبيّة والتخلّق بالأخلاق الإلهيّة ، فلا محالة يجب وجود مثل هذا العارف الإلهي المتخلّق بأخلاق الله تعالى ، بل الأعمال أيضا مقدّمة للأحوال وهي مقدّمة للمعارف ، ولذا ورد عنهم عليهم السلام لولانا ما عرف الله ولولانا ما عبد الله.

وإن كان الثالث فالأمر فيه أوضح من السابقين ، إذ ليس مثله إلا من كانت قوّتاه العلاّمة والعمّالة في غاية القوة والكمال ولا يكون ذلك إلا بعنايات إلهيّة وتأييدات ربانيّة وعلوم لدنيّة ومثله خليفة الله في أرضه على عباده.

وأما لزوم وجود مثله في كلّ زمان فلما تقرّر في محلّه من أن نزول فيض الوجود بحسب قاعدة الإمكان الأشرف إلى عالم الجبروت ومنه إلى عالم الملكوت ومنه إلى عالم الناسوت إلى أن ينتهي إلى قوّة القوي والهيولى الأولى لا بد من أن يكون لأجل الصعود لاستحالة طلب العالي للسافل والحركة من

۴۴۰۱