على الأمّة تعيين شخص لها فتكون من الأمور المتعلّقة بأفعال المكلّفين ، وبهذا يدخل أمر الإمامة في الفروع العمليّة.

وأمّا على الوجه المتقدم فهو منصب إلهي يتعيّن من قبله تعالى.

والتحقيق أن الحاجة إلى الإمام عليه السلام : إمّا إلى مجرد تبليغ الأحكام العمليّة والوظائف الشرعيّة.

وإمّا إلى ذلك بإضافة تعريف المعارف الإلهية.

وإمّا إلى ذلك بإضافة الوساطة في الفيض بأن يكون وجوده لازما في نظام التّكوين والتّشريع معا. فان كان الأول : فتارة يراد مجرّد تبليغ الأحكام الشرعيّة ولو كانت تعبديّة ظاهريّة.

وأخرى يراد تبليغ الأحكام الواقعيّة النفس الأمريّة.

فالأولى يكفيها مجرد وجود ثقة يخبر عن الأحكام التعبديّة من دون ملكة عصمة أو غيرها ، حتى أنه لو عرّفه بالصدق حقيقة لم يكن دالا على إمامته بخلاف ما إذا بلّغ عن الله فان معرفته بالصدق معرفته بالنّبوّة ، إذ لا يبلّغ عن الله تعالى إلاّ من كان له نفس قدسيّة يتلقّى الوحي بلا توسّط معلّم بشريّ ، بخلاف المبلّغ عن النّبي صلّى الله عليه وآله فانه لا يجب أن يكون إماما لعدم مثل تلك الخصوصيّة لعدم انحصار التبليغ عنه عليه السلام في شخص خاصّ.

والثانية لا يكفيها مجرّد الوثاقة ، بل لا يكون المبلّغ للأحكام الواقعيّة بحيث يكون الواصل بسببه حكما واقعيّا إلا إذا عرف صدقه وعصمته من الخطأ ، ولا يجب أن يكون المبلّغ صادقا ومعصوما عن الخطأ إلا النبي والإمام عليه السلام.

فالالتزام بوجود من لا بدّ من عصمته تبليغا للأحكام الواقعيّة الحقيقيّة التزام بوجود الإمام عليه السلام دون الالتزام بوجود مجرّد مبلّغ للأحكام وإن كانت تعبّديّة.

۴۴۰۱