التشريع لبعد النفوس البشريّة بما هي عن تلقّي الوحي الإلهي المقتضى لوجود طائفة من الذوات النوريّة والنفوس القدسيّة لذلك ، فلا بدّ من معرفتهم لتحصيل وظائف الشكر بأنحائه على النّعم بأقسامه منهم.

ولعله إليه يرجع الشق الأول ، فان التصديق بوجوده أو بجملة من صفاته وإن كان لا يتوقف على معرفتهم ، إلا أن معرفته تعالى بصفاته العليا حق المعرفة المقدورة للقوّة البشريّة ومعرفة فعله ووظائف النعم لا يتحقّق إلا بهم ، ولذا قالوا عليهم السلام : بنا عرف الله وبنا عبد الله ولولانا ما عرف الله ولا عبد الله.

إلا أنه غير مراد من عبارته « قدس سره » ، فان صريحها أن وساطتهم للنعم هي المقتضية لمعرفتهم ، لا وساطتهم لأداء الشكر لمكان انحصار المبلغ للوظائف التي هي مصاديق الشكر فيهم سلام الله عليهم.

١٦٨ ـ قوله « قده » : ولاحتمال الضرر في تركه ... الخ (١).

إما عطف على قوله رحمه الله لذلك فيكون تعليلا لخصوص معرفة النبي والوصي عليهما السلام كما هو أقرب الوجهين أو عطف على قوله رحمه الله أداء لشكر بعض نعمائه إلى آخره فيكون تعليلا لتحصيل المعرفة مطلقا كما هو أبعد الوجهين وإن كان صريح تعليقته الأنيقة على الرسائل (٢) هو الثاني.

والمراد بالضرر : إن كان زوال النعمة وشبهه كما علل به وجوب الشكر في كلماتهم فهو في حد ذاته لا يستلزم العقاب ، بل غاية الضرر المترقّب منه زوال النعمة وشبهه.

وإن كان المراد من الضرر المحتمل في ترك تحصيل المعرفة هو العقاب فالعقل يستقل بدفعه.

__________________

(١) كفاية الأصول / ٣٣٠.

(٢) التعليقة على فرائد الأصول / ١٠٣.

۴۴۰۱