والمعرفة والاعتقاد والتصديق لما مر من أن الارتباط بالربط العلمي يصحّح صدق عقد القلب عليه ، ولذا شاع التعبير عن العلم بالاعتقاد وكذا قد عرفت أن مقوم العلم الحقيقي هو التّصديق الجديّ القلبي.
وما ورد من أن : أوّل الدين معرفة الله وكمال معرفته التصديق به ، لا يراد منه الكمال في قبال النقص بل الكمال الأول الذي ينتفى ذو الكمال بانتفائه وهو مقوّم الشيء وما به الشيء يكون شيئا.
وما ورد في بعض الأخبار في تفسير الإيمان الذي هو فرض القلب من عطف الرّضا والتّسليم على اليقين والتصديق ، فهو بملاحظة أن الإيمان ينقسم إلى علم وحال وعمل والأوّلان من فرائض القلب والأخير من فرائض الجوارح ، فالعلم والمعرفة واليقين من معارف القلب ، والرضا والتسليم وشبههما المنبعث عن رسوخ العلم والمعرفة من أحوال القلب وملكاته ، لا أن الإيمان بلحاظ المقام الأول متقوّم بالرّضا والتّسليم وأشباه ذلك.
وبالجملة حقيقة الإيمان ـ الذي هو هيئة نورانيّة يتجوهر بها جوهر النفس ـ هو العلم والمعرفة واليقين.
ولهذه الصفة مراتب إحداها العلم التصديقي الحاصل للمقلّد لمكان علمه بصدق مقلّده ، فهو ما لم يشكّك عليه قاطع غير محتمل للخلاف ، إلاّ أنّه غير منشرح الصّدر بنور المعرفة حقيقة لعدم حصول العلم له من طريق البرهان ولا من طريق الشّهود والعيان والمقلّد بما هو مقلّد غير عارف وليس على حد التقليد في الفروع ليكون له قياس برهانيّ يدل على ثبوت الحكم الفعلي في حقه ليقال : بأنّه عالم بهذا الحكم الفعلي حقيقة ، إذ ليس في باب المبدا والمعاد ثبوت تعبّدي ، بل للمعارف ثبوت واقعي تعرف تارة وتجهل أخرى ، وحال المقلّد فيها حال من يعتمد على طبيب حاذق ، فانه من باب القطع بحذاقته وإن كان يعتقد أن ما وصفه له هو دواء دائه ، لكنه غير عارف بمرضه ولا عارف بحقيقة الدواء وإنّما