سنخان من العلم بما هو علم ليكون أحدهما تصوّرا والآخر تصديقا.
بل التحقيق كما عليه أهله أن الحضور الساذج المحض تصور والحضور المتخصّص باقرار النفس تصديق ، فان صورة هذا ذاك فقط تصور محض ، ونفس هذا ذاك عند النفس إقرار من النفس وتصديق منها يوجب كون تلك الصورة الادراكيّة الملزومة له علما تصديقيّا.
وعليه فما من علم تصديقيّ إلاّ ومعه إقرار النفس بأن هذا ذاك ، فالالتزام بعقد القلب والالتزام النفساني ـ زيادة على العلم واليقين في باب الإيمان لئلا يلزم محذور الالتزام بإيمان الكفار الموقنين الجاحدين بما استيقنت به أنفسهم كما نطق به القرآن الكريم ـ لا يجدي شيئا ، والالتزام بأن عقد القلب بناء وفرضا على خلاف اليقين الملزوم لإقرار النفس حقيقة ملاك الإيمان والكفر بعيد جدّا ، فان عدم تأثير ذلك الإقرار الحقيقي اللازم لليقين وتأثير هذا الإقرار بالخلاف المبنيّ على الفرض والبناء من باب ترجيح المرجوح على الراجح لكون الأول كالذاتي والثاني كالعرضي. وسيجيء إن شاء الله تعالى حلّ هذه العقدة.
وأما المقام الثاني ، فتحقيق الحال فيه يقتضي بسطا وافيا في المقال ربما يخرج عن وضع التعليقة ، والذي لا بدّ منه على الإجمال هو أن جوهر النفس ما لم يتجوهر بصورة نورانيّة أو هيئة ظلمانيّة باقية في دار البقاء ليسعد بها أو يشقى لا يكون مستحقّا للنّعيم الدائم أو للعذاب كذلك.
فالايمان الموجب للخلود في النعيم والكفر الموجب للخلود في الجحيم هيئة راسخة في النفس إمّا نورانيّة أو ظلمانيّة ، وقد ورد التعبير عنهما بالنور والظلمة في الآيات والروايات والكلمات كما ورد التصريح بأن الإيمان أمر قلبي في الآيات والروايات ، فكذا ما يقابله وهو الكفر ، وإلا فلا تقابل بين فعل القلب وفعل اللسان.
والمحقّق عند أهل التحقيق أن هذا الأمر القلبي هو المعبّر عنه بالعلم