مانع من تأثير الأول إلاّ ما هو تامّ الاقتضاء فيتوقّف مزاحمة الثاني لتأثير الأول على عدم تأثير الأول ، فكيف يكون مانعا عن تأثيره.
ولعل هذا مراد من جعل المسألة نظير دوران الأمر في العمومات بين التّخصيص والتّخصص ، لا أن غرضه أنه عينه ليقال : باختصاصه بالعمومات اللفظيّة لا بالأحكام العقلية.
وبتقريب أوضح وأخفّ مئونة ممّا ذكر أنّ لكل من الظنّ المانع والظنّ الممنوع دلالة التزاميّة عقليّة على عدم حجّية الآخر عقلا ، إذ حجّية كل منهما يستلزم عقلا عدم حجّية الآخر بهذا الدليل العقلي ، لفرض تنافيهما في الحجّية بدليل الانسداد وهذه الدّلالة الالتزاميّة العقليّة مشتركة بين الظنّين من دون تفاضل من هذه الجهة بينهما.
ولكل من الظّنين مدلول مطابقي فالمدلول المطابقي للظن المانع هو المنع شرعا عن الظن الممنوع والمدلول المطابقي للظن الممنوع هو وجوب الصلاة مثلا ولازم هذا المدلول المطابقي عدم حرمة الصلاة لا المنع عن العمل بالظن المانع شرعا.
وعليه فإذا فرض أنّ حجّية الظن عقلا مقيّدة بعدم قيام الحجّة على المنع شرعا عنه ، ففرض شمول دليل الانسداد للظن المانع فرض قيام الحجة عقلا على المنع عن الظن الممنوع شرعا ، فلا ملاك تامّ الملاكيّة لاستقلال العقل بحجّيته.
وفرض شمول دليل الانسداد للظن الممنوع على ما مرّ ليس فرض قيام الحجّة عقلا على المنع عنه شرعا ، فالملاك في الظن المانع على تماميّته وكماله.
فحكم العقل بحجّية الظن الممنوع يوجب انفكاك المعلول عن علّته التّامّة وهو محال ، وحكم العقل بحجّية الظن المانع لا يبقى معه تماميّة ملاك الظن الممنوع ، فلا يلزم انفكاك المعلول عن علّته التّامّة ، فلا محالة يحكم العقل بحجيّة