يكفي في اختياريّة الفعل المتعلق للحكم صدوره بنفسه بالاختيار.

لكن حيث إن العنوان الطاري الملازم لعنوان المقطوع كالعنوان الواقعي المؤثّر بذاته في الحكم المولوي مجهول ، فلا يمكن إحراز الغالب والمغلوب منهما ، فتصور عنوان واقعي مجهول لا يكاد يجدي شيئا إلا في امكان الحكم المولوي ، لا في مقام تحقق التزاحم والحكم بغلبة أحدهما على الآخر.

ومن جميع ما ذكرنا تبيّن أن ما أفاده ـ شيخنا العلامة الأنصاري « قدس سره » (١) في هذا المقام أن قبح التجرّي ذاتي بمعنى العلّة التامة أو بمعنى الاقتضاء من دون مانع عن تأثيره لعدم صلاحيّة العنوان الواقعي المجهول للتأثير حيث لم يصدر بعنوانه بالاختيار ـ إنما يصح فيما إذا كان التزاحم بين ملاكين للحسن والقبح العقليين ، وأما في غيره فالصحيح ما ذكرنا.

وأما توهم (٢) أن جهة التجري غير منتزعة عن مقام ذات الفعل بل من حيث المخالفة للأمر والنهي وهي في طول الجهة الواقعيّة المنتزعة عن ذات الفعل فتؤثّر كل واحدة منهما أثرها لتعدّد منشأ الانتزاع.

فمدفوع بأن الغرض : إن كان عدم التّضاد بين الأثرين لتعدد الموضوع ، ففيه أنّ بناء الامتناع على أن وحدة الهويّة المعنونة بعنوانين يوجب التضاد سواء كان العنوانان طوليّين أو عرضيّين.

وإن كان عدم التزاحم لأن الجهة السابقة لا مزاحم (٣) في مرتبتها فتؤثر أثرها ولا تصل النوبة إلى تأثير الجهة اللاحقة.

ففيه ما مر مرارا في مباحث الألفاظ وسيأتي إن شاء الله تعالى أنّ ملاك التمانع في التأثير هي المعيّة الوجوديّة ، والمانع هو التقدم والتأخر في الوجود.

__________________

(١) فرائد الأصول المحشى ١ / ١٧ ـ ٢٠.

(٢) كما في نهاية الأفكار ٣ / ٣٣.

(٣) هكذا وردت في النسخة المطبوعة ولكن الصحيح : لا مزاحم لها.

۴۴۰۱