حسن بالذات.

ولا تكون ملاكات الحسن والقبح بهذا المعنى مناطات للأحكام المولويّة حتى يتحقّق التزاحم بالواسطة ، وذلك لأن الحكم المولوي لا يصلح للدّعوة ، إلاّ باعتبار ما يترتب على موافقته ومخالفته من المثوبة والعقوبة عقلا.

ومع حكم العقل ، باستحقاق المدح والثواب أو الذم والعقاب لا يبقى مجال لاعمال المولويّة بالبعث والزجر.

ومنه تعرف عدم المزاحمة بين جهة التجري التي هي ملاك استحقاق العقاب والجهة التي هي مناط الوجوب المولوي.

وأما إذا فرض الملاكان من سنخ واحد : فإن كانا ملاكين للمدح والذم ، فمن البيّن أن ملاك التجرّي والانقياد إنما يؤثر لعدم صلاحيّة الجهة الواقعيّة للتأثير في خلافه ، لأن الحسن والقبح من صفات الأفعال الاختياريّة ، فما لم يصدر بعنوانه المؤثر في حسنه أو قبحه بالاختيار لا يتصف بالحسن والقبح فعلا.

وإن كانا ملاكين للحكم المولوي ، فهو لا يتصور في مثل عنوان التجرّي ونحوه كما عرفت ، بل في مثل عنوان مقطوع الوجوب والحرمة إمّا بنفسهما أو من حيث ملازمتهما لعنوانين واقعيّين هما ملاكان للحكم المولوي.

فإن كان نفس عنواني مقطوع الوجوب أو مقطوع الحرمة ملاكا ، فهو كما سيأتي إن شاء الله تعالى. حيث إنه عنوان محض ، لا أنّه غرض من المأمور به أو المنهي عنه فلا محالة يجب أن يصدر بعنوانه بالاختيار حتى يتحقق الإطاعة والعصيان وسيجيء إن شاء الله أنه ليس كذلك دائما بل أحيانا.

وإن كان العنوان الملازم ملاكا : فان كان أيضا عنوانا محضا ، فهو أيضا غير قابل للتأثير فضلا عن المزاحمة للجهل به فضلا عن صدوره بالاختيار.

وإن كان غرضا فهو قابل للتأثير ، إذ لا يشترط في الأغراض الواقعيّة التي هي ملاكات الأحكام المولويّة أن تكون معلومة وأن تصدر بالاختيار ، بل

۴۴۰۱