الإرادة التشريعيّة كما بيناه مفصلا في مبحث الطلب (١) والإرادة وأشرنا إليه في مسألة (٢) جعل الطريق.
وأما الجواب عن الأمثلة المستشهد بها في المقام ، فنقول : أما عن الأمر الامتحاني ، فتحقيق القول في الامتحان والاختبار منه تعالى مع عدم جهله بشيء هو أنّه ليس المراد من ظهور انقياد العبد لأوامره تعالى وهو الغرض من الأمر الامتحاني هو الظهور العلمي في مقام ذاته المساوق للعلم في مرتبة الذات ، بل الظّهور المساوق للفعليّة والتحقق المساوي للعلم الفعلي ، وهو العلم حال الإيجاد ، فان وجود كل شيء في نظام الوجود من مراتب علمه الفعلي فان وجود كل شيء بلحاظ ارتباطه بالعرض بالمبدإ الأعلى هو نحو حضوره له تعالى فكل موجود علم ومعلوم باعتبارين ، ومثل هذا العلم الفعلي الذي هو عين الحضور والربط والوجود مسبوق بالعدم ويساوق التحقق والثّبوت ويتّصف بالسبق واللحوق الزمانيّين كما أسمعناك في مبحث (٣) المشتق ، فيمكن أن يكون حصوله غرضا من الأمر.
وظهور الانقياد والتمكين خارجا لا يمكن أن يؤمر به بعنوانه لوجهين : أحدهما عدم حصول الغرض من الأمر الامتحاني ، لأنه إذا التفت إلى أن الفعل غير مطلوب منه جدا ، وأن الغرض استعلام حاله ولو بالاشتغال بالمقدمات لم يكن إيجاد المقدمات مهمّا عنده ، فلم يحصل الغرض من كونه جدّا منقادا لإيجاد الفعل الذي يمتحن به لمكان صعوبته عليه.
وثانيهما أن الانقياد للأمر لا يعقل إلا مع إحراز الأمر في نظره ، فاذا قطع
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٥١.
(٢) نهاية الدراية ٣ : التعليقة ٥٥.
(٣) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٠٦.