نعم إذا كان الصدق في مورد معنونا بما فيه غرض مولوي للشارع يدعوه إلى تحريمه ، أو الكذب معنونا بعنوان فيه غرض مولوي للشارع يدعوه إلى تجويزه ، فحيث إنه بذلك العنوان غير معلوم للمكلف بما هو عاقل أمكن للشارع التكليف المولوي على خلاف الحكم العقلي الطبعي لعدم المنافاة بين الحكم الطبعي والحكم العقلي ، كما لا مانع من المولوية لانه بسبب العنوان الطاري الواقعي لم يتحقق داع من قبل العقل حتى لا يبقى مجال لمولوية الشارع.

بقي هنا أمران : أحدهما : أن القضايا المشهورة المتمحضة في الشهرة على أقسام :

منها : ما فيه مصلحة عامة كالعدل حسن والجور قبيح وعبّر عنها بالتأديبات الصلاحيّة.

ومنها : ما ينبعث عن الأخلاق الفاضلة ، كالحكم بقبح كشف العورة لانبعاثه عن الحياء ، وهو خلق فاضل.

ومنها : ما ينبعث عن رقّة أو حميّة أو أنفة أو غير ذلك.

واستلزام الحسن والقبح عقلا للحكم الشرعي بالمعنى المتقدم فيما كان منشئه المصالح العمومية واضح لأن الشارع يرى المصالح العموميّة.

وكذا ما ينبعث عن الأخلاق الفاضلة لأن المفروض أنها ملكات فاضلة ، والمفروض انبعاث الحكم بالحسن والقبح عنها.

وأما ما ينبعث عن انفعالات طبعيّة من رقّة أو حميّة أو أنفة أو غير ذلك ، فلا موجب لاشتراك الشارع مع العقلاء.

ولذا ترى إن الشارع ربما يحكم لحكمة ومصلحة خاصّة بما لا يلائم الرقّة ، البشريّة كالحكم بجلد الزاني والزانية غير ذات البعل مع كمال التراضي ، وكالحكم بجلد شارب الخمر بمقدار لا يوجب السكر فعلا ، أو الحكم بقتل الكافر وسبي ذراريه وأشباه ذلك.

۴۴۰۱