أم لا.

وهذا أمر واقعي ، ولا دخل له بإدراك القوة العاقلة لكلي الإحسان وكلي الاساءة ، فهو نظير نيل القوة الذوقية للحلو أو المرّ ، وإدراك القوّة العاقلة لكليّ الحلو والمرّ ، فان الأول هو الموجب للانبساط والانقباض مما هو حلو أو مرّ دون الثاني.

وأما إدراك الإحسان الجزئي أو الاساءة الجزئيّة بقوّة الخيال أو الوهم ، فمع كونه أجنبيّا عن القوة العاقلة بما هي قوة عاقلة ليس تأثيره في الانقباض والانبساط من جهة اشتمالها على مصلحة عامة أو مفسدة عامّة.

بل يؤثّر تصور الإحسان إليه إعجابا وانبساطا ، وإن لم يستحق إحسانا ، وكذا تصوّر الضرب والشتم يؤثّر في انقباضه وتألّمه ، وإن كان مستحقا لهما ، وتصور ورودهما على الغير وإن كان يؤلمه ، لكنه بسبب الرقة وشبهها ، لا من جهة كونه ذا مفسدة عامة.

ومنه يظهر أن حمل كلامه « قدس سره » على مطلق الادراك لتصحيح التأثير في الالتذاذ والتألّم لا يجدي شيئا ، ولا يوجب كون الاستعجاب والاستغراب بالملاك الذي هو محل الكلام.

ثانيهما ما أفاده « قدس سره » من أن الملاءمة والمنافرة للعقل توجبان بالضرورة صحة المدح والذم.

وذلك لما عرفت من أن دعوى الضرورة لا تصح إلا بالإضافة إلى ما هو خارج عن محل الكلام ، وهو تأثيرهما أحيانا في انقداح الداعي إلى مجازاة الإحسان بجزاء الخير ، ومجازاة الاساءة بجزاء الشر كما مر تفصيله.

وأما دعوى الضرورة بالنسبة إلى حكم العقلاء بصحة المدح والذم ، فهي صحيحة ، لكنها تؤكّد ما ذكرناه ، من أنه لا واقعيّة لهما إلا بتوافق آراء العقلاء عليهما.

۴۴۰۱