أقول : أما ما أفاده قدس سره في صورة العلم الإجمالي بالانتقاض.

ففيه أن قوله عليه السلام : « ولكن تنقضه بيقين آخر » : إن كان محددا للموضوع لا حكما شرعيا مولويا ، لما مر من البرهان على استحالة جعل الحكم المماثل على طبق اليقين بحكم فلا محالة يرتفع الموضوع بفرض العلم الإجمالي ، لأن الموضوع هو الشك المحض ، لا المقرون بالعلم الإجمالي.

فليس اعتبار اليقين اعتبار الناقض ، بل اعتباره اعتبار تحديد الموضوع ، فعدم التعبد الاستصحابي لا بالبرهان المتقدّم بل بعدم موضوعه ، وهذا هو الصحيح كما مر مفصلا.

وإن لم يكن محددا للموضوع بل كان الموضوع نفس اليقين السابق والشك اللاحق بما هما يقين وشك وكان اعتبار اليقين بالخلاف من باب اعتبار الناقض ، فمعناه اعتبار شيء شرعا يمنع عن فعليّة التعبد الاستصحابي مع تماميّة موضوعه في حد ذاته ، فحرمة النقض في كل واحد تعينه ذاتا.

ولزوم النقض باليقين التفصيلي تعييني بتعيّن موضوعه للناقضيّة لأمر معيّن ، وباليقين الإجمالي لزوم غير تعييني لتردد موضوعه لفرض تعلقه عنده « قدس سره » بالمردد المصداقي ، والأمر لنفس طبيعي الالزام ، والتعيّنيّة وعدمها تستفاد بالبرهان من تعلقه بنحوين من الموضوع.

وإذا كان المقتضي لحرمة النقض ذاتا في كل واحد موجودا والمانع لم يكن مانعا عن الجميع اذ لا يقين على خلاف كل واحد ولا على خلاف واحد معين في الواقع ، إذ بخصوصه ليس طرف العلم ، بل المانع متساوي النسبة إلى المقتضيات ، فمقتضاه ثبوت أحدهما بلا عنوان وسقوط أحدهما بلا عنوان كما هو مسلكه « قدس سره » في أمثال المقام لا سقوط الجميع.

نعم تعلق صفة حقيقة أو اعتبارية عندنا بأحدهما المردد مصداقا غير معقول ، فثبوت أحدهما بلا عنوان وسقوط أحدهما بلا عنوان غير معقول ، كما

۴۴۰۱