فالظن به في الحقيقة ظن بالإنشاء بداعي تنجيز الواقع لا ظن بالمنجّز والمعذّر بالحمل الشائع حتى يفيد فائدة الظن بالواقع.
بل قد ذكرنا في مسألة جعل الطريق أن جعل الحكم المماثل إن كان بداعي إيصال الواقع بعنوان آخر ، فهو أيضا كذلك من حيث وحدة مرتبة فعليّته وتنجّزه ، إذ لو كفى وجود الحكم واقعا في الباعثية والزاجريّة لما كانت حاجة إلى جعل الحكم المماثل بهذا العنوان.
ومما ذكرنا تبين حال الحجّيّة بمعنى اعتبار وصول الواقع وأنه هو ، فان الاعتبار المزبور لا يجدي مع عدم وصوله علما أو علميا ، إذ ما لا وصول له بنفسه لا يعقل أن يكون موصلا لغيره.
ورابعا إنما يكون المهم الظن بالفراغ لأن المفروض عنده « قدس سره » وعند الشيخ الأعظم « قدس سره » في الرسائل إجراء مقدمات الانسداد في كيفيّة إطاعة الاحكام المنجّزة ، فإنه يصح أن يقال : حينئذ إن الغرض ليس امتثال الأحكام باتيان متعلقاتها ، بل المهم الفراغ عنها والخروج عن عهدتها.
وأما بناء على ما سلكناه من إجراء المقدمات في جعل الأحكام الواقعية فعليّة منجزة بالظن ، فالظن بالفراغ أجنبي عن هذا المهم ، بل يحتاج منجزية الظن بالطريق إلى مقدمات تقتضي منجزيّته كما اقتضت منجزية الظن بالواقع.
١٣٦ ـ قوله « قده » : قال فيها إنّا كما نقطع بأنا مكلفون ... الخ (١).
لا يخفى عليك أن كلام صاحب الفصول (٢) « قدس سره » مبنيّ على مقدمتين :
إحداهما انحلال العلم الإجمالي الكبير بتكاليف كثيرة في المحتملات
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣١٦.
(٢) فصول / ٢٧٩ طبع هاشم.