العقلاء عملا على المدح والذم ، وبنائهم في مخالفة التكليف المظنون إما على الذم أو لا ، فلا تغفل.

١٢٠ ـ قوله « قده » : ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك ... الخ (١)

قد عرفت (٢) أن مجرد فرار العقلاء عملا عن الضرر المقطوع أو المظنون أو المشكوك : إما مستدرك إذا كان المراد به العقوبة ، إذ المفروض ترتبها لو كانت ثابتة واقعا سواء كان حكم من العقلاء على دفعه أم لا.

وإما لا يجدي مجرد فرارهم عنه إذا كان المراد به غير العقوبة من المضار الدنيوية ، إذ لا يتم أمر الحجّية إلا بعد ترتب استحقاق العقوبة على عدم دفعه ، وهو بمجرد بناء العقلاء على دفعه عملا غير ثابت كما لا يخفى.

بل التحقيق أنه ليس من موارد قاعدة التحسين والتقبيح : أما إذا أريد به العقوبة ، فلأن الإقدام على ما يترتب عليه العقوبة بحكم العقل أعني المعصية ليس موردا لذم آخر أو لعقوبة أخرى من العقل والشارع.

مع خروجه عما فيه ملاك الحسن والقبح من جهة أخرى ، إذ استحقاق الذم والعقاب ليس مما اقتضاه البرهان بل داخل في القضايا المشهورة الميزانيّة التي تطابقت عليها آراء العقلاء حفظا للنظام وابقاء للنوع.

ومن البين أن الإقدام على ما يستحق العقاب عليه إذا قطع النظر عن الجهة المقتضية لاستحقاق العقاب لا يؤدى بنوعه إلى اختلال النظام وفساد النوع ، إذ الأمر المترتب على هذا الإقدام غير مربوط بهذا النظام ، بل لو ترتب العقاب لكان في الآخرة ، فتدبره فانه دقيق.

__________________

(١) كفاية الأصول / ٣٠٩.

(٢) في التعليقة : ١١٨.

۴۴۰۱