اللغوية ، والوجه الثالث أيضا مع الفراغ عن وجوب الإنذار ، فغايته واجبة ، لأن غاية الواجب واجبة ، فيكون وجوب الإنذار على كلا الوجهين كاشفا عن وجوب التحذر ، فيكون المراد منه التحذر عن العقوبة دون غيرها.

ولا يخفى أنه بناء على ما استظهرناه من عدم كون كلمة لعل للترجي وأنها كلمة الشك كما في الصحاح ، فشأنها جعل مدخولها واقعا موقع الاحتمال ، فيكون نفس جعل التحذر واقعا موقع الاحتمال كاشفا عن حجية الإنذار ، إذ يستحيل مع وجود قاعدة قبح العقاب بلا بيان أن يكون مجرد الإخبار بالتكليف أو بملازمه وهو العقاب المجعول موجبا لحدوث الخوف ، فجعله موجبا لحدوث الخوف بنحو الاقتضاء دليل على فعلية العقاب المجعول بمجرد الإخبار عنه ، فيكون الخبر منجّزا للعقاب المجعول ، وسيأتي إن شاء الله تعالى بقية الكلام.

١٠٨ ـ قوله « قده » : لعدم إطلاق يقتضي وجوبه على الاطلاق ... الخ (١).

التّحذر وإن لم يكن له في نفسه إطلاق ، نظرا إلى أن الآية غير مسوقة لبيان غايتيّة الحذر ليستدل بإطلاقه ، بل لإيجاب النفر للتفقه.

إلا أن إطلاقه يستكشف بإطلاق وجوب الإنذار ، ضرورة أن الإنذار واجب مطلقا من كل متفقّه سواء أفاد العلم للمنذر أم لا ، فلو كانت الفائدة منحصرة في التحذر كان التحذر واجبا مطلقا ، وإلاّ لزم اللغوية أحيانا.

كما أن التحذر إذا كان هي الغاية للإنذار فوجوب الإنذار مقدّميا إذا كان مطلقا يكشف عن إطلاق وجوب ذي المقدمة ، لاستحالة إطلاق أحدهما واشتراط الآخر ، وتبعيّة وجوب المقدمة لوجوب ذيها أصلا وإطلاقا وتقييدا بحسب مقام الثبوت لا ينافي تبعية وجوب ذي المقدمة لوجوب المقدمة بحسب

__________________

(١) كفاية الأصول / ٢٩٩.

۴۴۰۱