١٠٧ ـ قوله « قده » : بأن التحذر لرجاء إدراك الواقع ... الخ (١).
تقريبه أن التحذر وإن كان مستندا إلى الإنذار ، والإندار وإن كان بما تفقّه فيه ، إلا أنهما إنما يناسبان الواجب والحرام بملاحظة ما يترتب عليهما من الأمور التي يخاف ترتبها على الفعل والترك.
وهي كما يمكن أن تكون العقوبة على المخالفة ، كذلك يمكن أن يكون فوت المصلحة والوقوع في المفسدة.
فكما يصح الإنذار بملاحظة العقوبة ، فيدل على وجوب التحذر ، كذلك يصح الإنذار بملاحظة فوت المصلحة والوقوع في المفسدة ، فيحسن التحذر.
إلاّ أن الإنصاف أن الإنذار والتّحذّر بملاحظة ترتب العقوبة أنسب ، إذ المتعارف من الإنذار من المبلغين للأحكام في مقام الحث على العمل بها بيان ما يترتب على الفعل أو الترك من العقوبات الأخروية دون المصالح والمفاسد ، فيكون التّحذر المنبعث عنه تحذّرا من العقوبة.
وأما توهم أن جعل التحذر باعتبار فوت المصلحة والوقوع في المفسدة يوجب الاختلال في تمام أنحاء الاستدلال ولا يختص بالوجه الأول كما هو ظاهر المتن لأن التحذر بهذا المعنى على أي حال مستحسن عقلا لا معنى للكشف عن الحجّية بسببه مطلقا.
فمدفوع بأن الوجه الأول حيث كان مبنيّا على دلالة كلمة لعل على محبوبية التحذر من دون النظر إلى صدر الآية ، فلذا اختص بهذا الإيراد.
بخلاف الوجهين الأخيرين ، فانهما يتمان ولو لم تدل كلمة لعل على المحبوبية ، بل ولو لم يكن في الآية عنوان التحذر أيضا ، فان الوجه الثاني بملاحظة وجوب الإنذار ، فيكون التحذر به بدلالة الاقتضاء واجبا ، وإلا لزم
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٩٨.