وغيرها من الموارد الكثيرة التي لا شك في عدم التجوز فيها ، وعدم ملائمة إظهار الرجاء في مثل هذه الأمور المنافرة للنفس في غاية الظهور.

وربما يتفصّى من ذلك بدعوى أن الرجاء ليس بمعنى يساوق الأمل وتوقّع المحبوب فقط ، بل يكون للاشفاق وتوقّع المخوف أيضا كما نقل عن بعض أئمة اللغة وعليه حمل قوله تعالى : ( لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ) (١) أي لا يخافون وقوله تعالى : ( لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ ) (٢) أي لا يخافون.

والعجب أن الفراء مع مكانته في اللغة والأدب ينكر هذه الكلية ويقول لا يقال : رجوتك اي خفتك. وإنما يكون بمعنى الخوف في مورد النفي كما فيما سمعت من الآيات.

مع أنه لا معنى لتغير مادة اللفظ معنى بتفاوت الإثبات والنفي وأظنّ أنّ كل ذلك من عدم التمكن من تطبيق موارد الاستعمالات على معنى جامع ربما يجامع توقع المحبوب وربما يجامع توقع المخوف والمكروه من دون دخل للمحبوبيّة والمخوّفية والعلية التي قال بها بعضهم في المعنى الموضوع له.

والظاهر أن هذه الكلمة إنما يقال فيما كان الشيء في معرض احتمال الوقوع سواء كان مرجوا أم لا كما لا يخفى على المنصف.

وفي صحاح الجوهري : لعل كلمة الشك فيوافق ما استظهرناه ويؤكده أن مرادف هذه الكلمة في الفارسية كلمة ( شايد ) لا كلمة ( اميد ) فتدبر ، وحينئذ يسقط الوجه الأول عن الدلالة على المقصود.

__________________

(١) يونس ٧ و ١١ و ١٥.

(٢) الجاثية / ١٤.

۴۴۰۱