نفس وجوداتها الإنشائية الّتي ليست إلاّ نحوا من استعمال اللفظ في المعنى ، والمحال في حقه تعالى ثبوت الترجّي والاستفهام واقعا لا إظهار ثبوتهما ، وما هو شأن الإنشاء إظهار المعنى باللفظ ، لا إظهار الحقيقة باللفظ المستعمل في معناه ، ولا يلزم الكذب ، فإن إظهار الثبوت ليس بداع الإعلام بالثبوت ، بل بداع التلطف أو الترغيب أو غيرهما ، فلا تغفل.

كما أنه يمكن أن يقال : إن كلمة لعل لجعل مدخولها واقعا موقع الرجاء وموردا لتوقّع الخير مثلا ، وهو بالإضافة إليه تعالى لا يقتضى انبعاثه عن ترجّيه تعالى ليقال : باستحالته بل جعله تعالى معرضا لتوقّع الخير ترغيبا وتحريصا على فعله.

ويمكن أن يقال : بأن ثبوت الترجي في مقام ذاته تعالى غير معقول ، لأنه لا يكون إلا مع الجهل بالحصول المستحيل في حقه تعالى ، إلا أنه بالإضافة إلى المرتبة الأخيرة من مراتب فعله تعالى أمر معقول ، كالعلم المنطبق على الموجود الخارجي ، فإنه من مراتب علمه الفعلي ، فكذا كون الفعل مرجوّ الحصول بلحاظ تأدية الأسباب المنتهية إلى مسبّب الأسباب له نحو من الانتساب إليه تعالى كما في البداء والتردّد المنسوبين إليه تعالى في الآيات والرّوايات ، فافهم ذلك إن كنت أهلا لذلك.

ثم إن الظاهر وإن كان مخالفا للجمهور عدم كون كلمة لعل للترجي لوضوح استعمالها كثيرا فيما لا يلائم الترجي كقوله تعالى : ( فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ ) (١) ( فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ) (٢) وكقوله عليه السلام : « لعلك وجدتني في مقام الكذابين وفي مجالس الباطلين » (٣) أو لعل زيدا يموت بهذا المرض

__________________

(١) هود : ١٢.

(٢) الكهف : ٦.

(٣) أو : لعلك رأيتنى الف مجالس البطالين ، مفاتيح الجنان : ١٩١.

۴۴۰۱