وحيث إن إيجاب التصديق بلسان أن المؤدى هو الواقع ، فلا محالة الخبر المتكفل لوجوب صلاة الجمعة واقعا يستنبط منه الحكم حقيقة بضميمة دليل الحجية كما مر آنفا.
وهذا المقدار من التوسيط كاف في وقوع نتيجة البحث في طريق استنباط الحكم.
وعليه ينبغي تنزيل ما أفاده شيخنا الأستاد « قدس سره » في أول (١) الاستصحاب من أن البحث عن الحجية بحث أصولي حيث لا تعلق لها بحكم العمل بلا واسطة ، فان الغرض منه أنه حكم كنائي للانتقال إلى حكم حقيقي للعمل.
وإلا فلو أريد منه الحكم الحقيقي للعمل بواسطة انطباق عنوان فهو مع أنه يوجب التطبيق المحض دون الاستنباط ـ إن لم يكن لذات المعنون حكم يبحث عنه في الفقه ، واجتماع الحكمين إن كان لذات المعنون حكم يبحث عنه في الفقه ـ لا يخرج مع ذلك عن كون البحث فقهيا ، إذ لا فرق في الحكم المبحوث عنه في الفقه بين أن يترتب على العمل بلا واسطة كوجوب الصلاة ، أو بواسطة عنوان كعنوان الوفاء بالنذر ونحوه ، وعنوان تصديق العادل كذلك. هذا بناء على انطباق عنوان التصديق على العمل.
وأما بناء على كونه متولدا من العمل فهو حكم شرعي لفعل توليدي ، ولا فرق في الحكم المبحوث عنه في الفعل بين أن يتعلق بفعل توليدي أو غير توليدي ، فالغرض منه ما ذكرناه.
وأحسن من هذا التقريب أن الحجية ليست بمعنى جعل الحكم المماثل ولا بمعنى جعل المنجزية ، بل بمعنى الوساطة في الإثبات أو التنجز ، فالحكم
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٨٥.