فانه ليس غرضه « قدس سره » اختصاص احتمال تعمد الكذب بالخبر الحسي دون الحدسي ، ضرورة أن الانسان كما يمكن أن يخبر عما لم يحسّ كذلك يمكن أن يخبر عمّا لم يحدس ، بل غرضه أن واقعيّة المخبر به بعدم تعمّد الكذب وعدم الخطأ والآية متكفّلة لنفي احتمال تعمد الكذب وأصالة عدم الخطأ لنفي احتمال الخطأ.
وحيث إن بناء العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال الخطأ في الحس دون الخطأ في الحدس ، فالآية بضميمة أصالة عدم الخطأ في الحس دليل الحجّية في الخبر الحسي.
وحيث إن هذه الضميمة غير متحققة في الخبر الحدسي ، فالآية وإن كانت نافية لاحتمال تعمد الكذب ، لكنه لا أثر بالفعل لنفي احتمال تعمد الكذب إلا مع نفي احتمال الخطأ ، فلا تعم الآية التي هي دليل الحجية بالفعل لما لا أثر له بالفعل وهو الخبر الحدسي ، فهي وإن كانت بحسب الاقتضاء قابلة لشموله ، لكنها لا تعمه بالفعل.
ثانيها أن كون المخبر صادقا في خبره غير كونه صائبا في نظره ، والدليل متكفل لتصديق الخبر لا لتصويب النظر.
بيانه أن دليل التصديق وإن لم يكن ناظرا إلى خصوص التصديق المخبري كما أفاده الشيخ الأعظم « رحمه الله » بل كان ناظرا إلى التصديق الخبري والحكم بواقعية المخبر به لا إلى مجرّد نفي احتمال تعمد كذبه.
إلا أن تصديقه في حسّه واقعا تصديقه فيما أحسّ به ، وليس تصديقه في حدسه واقعا تصديقه فيما حدس به ، فان القطع بسماعه لقول الامام عليه السلام إنه يجب صلاة الجمعة يستلزم القطع بصدور هذا القول من الامام عليه السلام ، ولكن لا يستلزم القطع بحدسه لرأي الامام عليه السلام القطع برأيه.
فتصديقه في سماعه وأنه أخبر عما له واقعيّة يستلزم تصديقه في واقعيّة