وأما لو كانوا متفقي المسلك بأن كانوا يعتقدون حجية الخبر الموثق فمن لا يعتقد إلا بالخبر الصحيح لا مجال له في الاستناد إلى هذا الاجماع فضلا عما إذا كانوا يعتقدون حجية الخبر الحسن ، فإن الغالب لا يمكن استنادهم إليه.
وأما من حيث الدلالة ، فان الخبر المفروض : إن كان نصا في مدلوله صح الاستناد إليه منا أيضا إلا أنه نادر واحتماله غير مانع ، لأنه لا يتعين أن يكون نصا في مدلوله لحجية الظاهر أيضا.
وإن كان ظاهرا في مدلوله فلا يجدي أيضا ، إذ ظهور دليل عند طائفة لا يستلزم الظهور عند آخرين وفهمهم ليس حجة علينا ، بل قد وجدنا المشهور من المتقدمين على استفادة النجاسة من أخبار البئر مع أن الأمر عند المتأخرين بالعكس ، فلعل الخبر إذا نقل إلينا لم يكن ظاهرا عندنا.
مع أنهم لو عثروا على هذه الأخبار الصحاح الظاهرة الدلالة في موارد اجماعهم ، فلم لم يتعرّضوا لها لا في مجاميع الأخبار ولا في الكتب الاستدلالية.
٨٦ ـ قوله « قده » : وأما إذا كان نقله للمسبب لا عن حسّ ... الخ (١).
الفارق بين ما إذا كان السبب تاما في نظر المنقول إليه ، وما لم يكن كذلك مع الاشتراك في الإخبار عن المسبب بالالتزام وعن السبب بالمطابقة وجوه :
أحدها ما عن شيخنا العلامة الأنصاري « قدس سره » في الرسائل (٢) أن مقتضى الفرق بين العادل والفاسق في آية النّبأ ـ التي هي عمدة الآيات من حيث الدلالة على حجية الخبر ومقتضى التعليل بقيام احتمال الندم مع عدم التبيّن عن خبر الفاسق ـ هو عدم الاعتناء باحتمال تعمد كذبه ، لا وجوب البناء على اصابته في حدسه.
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٨٩.
(٢) فرائد الأصول المحشى : ١ / ٧٩.