المسموع ، ولكن ليس تصديقه في خبره عن حدسه مستلزما لتصديقه فيما حدس به ، بل يترتب على تصويبه في حدسه.

وبالجملة فواقعيّة السماع يستلزم واقعيّة المسموع بخلاف واقعيّة الحدس ، فانه لا يستلزم واقعيّة ما حدس به ، فتأمل جيدا.

ثالثها أن بناء العقلاء على حجية الخبر لكونه كاشفا نوعيّا فعلا إذا صدر ممن يوثق بقوله ولم يكن فيه آفة في حاسّته ، فهذه الكاشفية النوعيّة الفعلية عن الواقع هو المقتضى ثبوتا لبناء العقلاء على اتباع الخبر.

ومن الواضح أن خطأه الواقعي في احساسه لخروجه عن الطبع أحيانا لا يعقل أن يكون مانعا عن تأثير المقتضى ومزاحما له لما عرفت في مسألة (١) حجية الظاهر ، فاحتماله ليس من احتمال المانع حتى يتوقف الحكم بالمقتضى على بناء العقلاء على دفع المانع ، ونفس الاحتمال غير مانع على الفرض ، بل المستبعد جدا أن يزاحم الاحتمال الكاشف النوعي الفعلي.

ومنه تبيّن عدم الحاجة إلى أصالة عدم الخطأ ، بل عدم الاعتناء باحتماله لعدم البناء على وجوده ، لا للبناء على عدمه. هذا في الخبر الحسى أو ما هو كالحسى.

وأما الخبر عن حدس محض ، فمجرد كون الشخص ممن يوثق بقوله وعدم كونه ذا آفة في حاسّته لا يوجب الكاشفية الفعليّة لخبره ، بل يتوقف على تصويب حدسه ونظره.

فإذا كان الخبر حجة ببناء العقلاء فالمقتضى لبنائهم هو الكشف النوعي الفعلي المختص بالخبر الحسي أو ما هو كالحسي. ولعله لذلك حكم في آية النبأ على أن العمل بخبر الفاسق من دون تبين عنه إصابة للقوم بجهالة ، حيث لا

__________________

(١) في التعليقة ٨٣.

۴۴۰۱