والتحريك كما بنى « قدس سره » عليه في غير مورد من تعليقته الأنيقة على رسائل شيخه العلامة الأنصاري « قدس سره » ـ في غاية الوضوح.
إلا أن الإنشاء المحض بلا داع هو في نفسه محال ، لاستحالة صدور الفعل الاختياري بلا إرادة ، والإرادة بلا داع.
والانشاء بداع غير داعي جعل الداعي لا يترقب منه فعليّة البعث والزجر ، فلا يكون فعليّته إلا فعليّة الإرشاد أو الامتحان أو جعل القانون ونحوها ، فلا تصل النوبة على أي تقدير إلى هذا المحذور.
وأما الإنشاء بداعي البعث أو الزجر مع عدم كونهما بعثا وزجرا بالحمل الشائع ، إلا بعد الوصول بنحو من أنحائه إلى العبد ، فلا يرد عليه هذا المحذور ، إذ عدم الفعليّة لعدم الوصول ، ومعه فهو حكم بعثي أو زجري.
وحيث إن الفرض فرض الوصول فلا محالة يستحق على مخالفته العقوبة.
وكما أن الوصول بالعلم الذي هو الوصول بلا عناية يوجب إمكان الدعوة ، كذلك الوصول بالخبر الذي اعتبر له وصف الحجية بنحو من الأنحاء المتقدمة يوجب إمكان الدعوة ، ويستحق بمخالفته العقوبة.
نعم بناء على المشهور من إنشاء أحكام مماثلة على طبق ما تضمنه الخبر يكون الداعي نفس هذا الحكم المماثل ، وهو على الفرض واصل.
وكونه هو الحكم الواقعي تعبّدا لا يقتضي عدم الفعليّة ، لما عرفت من أن عدم الفعليّة ليس لأجل خلل فيما يكون أمره بيد الآمر بل لاعتبار الوصول عقلا في إمكان الدعوة ووصول الحكم الظاهري ليس بالتعبد بل بالحقيقة.
٦٧ ـ قوله « قده » : فإنه يقال لا يكاد يحرز ... الخ (١).
بيانه أن الأمارة : إذا كانت مبلغة للحكم الإنشائي إلى مرتبة الفعليّة
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٧٨.