منه جدا ولعلّه « قدس سره » أشار إلى ذلك بقوله فافهم.
٦٤ ـ قوله « قده » : فلا محيض في مثله إلا ... الخ (١).
الإباحة إنما تنافي الإرادة والكراهة النفسانيّتين بالعرض لا بالذات ، إذ لا مقابلة بينهما ، بل الإرادة حيث إنها ملزومة للبعث ، وهو مناف بالذات للترخيص فينافي ملزومه بالعرض.
وكذا تنافيها من حيث المبدأ ، فان الإرادة منبعثة عن كمال الملاءمة للطبع ، والكراهة عن كمال المنافرة للطبع ، والإباحة تنبعث غالبا عن عدم كون المباح ملائما ومنافرا ، وبين الملاءمة وعدمها والمنافرة وعدمها منافاة بالذات ، وبين لازمهما بالعرض.
نعم حيث إن الإباحة هنا منبعثة عن مصلحة موجبة لها لا عن عدم المصلحة والمفسدة في الفعل ، وإلا لم يعقل مزاحمة بين الاّ اقتضاء والمقتضي ، فلذا ينحصر وجه المنافاة في الجهة الأولى ، فلو أمكن انفكاك الإرادة عن البعث الفعلي لم يكن الإباحة هنا منافية للإرادة أو الكراهة الواقعيّة بوجه لا ذاتا ولا عرضا بمعنى أنه لو لم يكن هناك تكليف فعلي من جميع الجهات والمفروض أنه المنافي للإباحة فلا منافاة للإباحة مع الإرادة حتى لا تنقدح بسببها ، فتدبّر جيّدا.
ثم إنه « قدس سره » لم يتعرض لسائر الأصول كالاستصحاب مثلا ، فإنه لا يتعين فيه جعل الحكم التكليفي حتى يرد فيه محذور المماثلة والمضادة ، بل يمكن أن يكون بعنوان اعتبار بقاء الكاشف التام ، أو جعل المنجز في السابق منجزا في اللاحق ، فيكون كالحكم الطريقي في الأمارات.
وربما يقال (٢) : بكون مثل الاستصحاب برزخا بين الأمارات ومثل أصل
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٧٨.
(٢) القائل هو المحقق النائيني قده. أجود التقريرات ٢ : ٧٨.