بداعي تنجيز الواقع ، وسيأتي إن شاء الله تعالى الاشكال في الثالث.
وأما الأولان ، فربما (١) يشكل بأن الحجية إذا كانت منتزعة من جعل الحكم التكليفي نظير الجزئية والشرطية المنتزعة من تعلق الحكم بالمركب والمقيد لزم دوران الحجية مدار بقاء الحكم التكليفي كما هو شأن الأمر الانتزاعي ومنشأ انتزاعه ، مع أن الحكم التكليفي يسقط بالعصيان والخبر لا يسقط عن الحجية ، كما أن الجزئية بمعنى كون الشيء بعض المطلوب يدور مدار بقاء المطلوبية ، فإذا سقط الطلب ليس ذات الجزء موصوفا بالجزئية للمطلوب فعلا.
ويندفع بأنه : إن لوحظ الدليل المتكفل للحكم الكلي المرتب على الموضوع الكلي فهو باق ما لم ينسخ كما هو شأن القضايا الحقيقية ، فالحجية المنتزعة من هذا الجعل الكلي الذي لا يزول بالعصيان كذلك.
وان لوحظ الحكم الفعلي بفعلية موضوعه فهو وإن كان يسقط بالعصيان إلا أن الاشكال لا يختص بالحجية المنتزعة من الحكم التكليفي بل الحجية الفعلية بمعنى الوصول الاعتباري كذلك ، إذ مع سقوط الحكم على أي حال لا معنى لفعلية اعتبار وصول الواقع ، كما لا معنى لاعتبار منجزية الخبر فعلا.
نعم ما لا يسقط أصلا سواء لوحظ الحكم الكلي أو الفعلي هي الحجية بمعنى كونه مما يحتج به المولى ، فان مورد الاحتجاج فعلا هو في وعاء العصيان ، فالخبر ، من أول قيامه على الحكم مما يصح الاحتجاج به عند المخالفة ولا يسقط عن هذا الشأن ، وهذا من الشواهد على أن الحجية بهذا المعنى الصالح للبقاء ، فتدبر جيدا.
إذا عرفت ما ذكرناه في معنى الحجية الاعتبارية والانتزاعية ، فاعلم أن
__________________
(١) المستشكل هو المحقق النائيني قده. أجود التقريرات : ٢ : ٧٦.