يوافق ذلك الأثر ، وإلا فترتب الأثر العقلائي لا يتوقف إلا على بناءهم واعتبارهم لا على اعتبار الشارع ، فتدبره جيدا ، وسيجيء إن شاء الله تعالى تتمة الكلام.
وأما الثالث وهو اعتبار نفس معنى الحجية ، فتوضيح القول فيه أن الحجية مفهوما ليست إلا كون الشيء بحيث يصح الاحتجاج به.
وهذه الحيثية : تارة تكون ذاتية غير جعلية كما في القطع ، فإنه في نفسه بحيث يصح به الاحتجاج للمولى على عبده.
وأخرى تكون جعلية إما انتزاعيّة كحجّية الظاهر عند العرف وحجّية خبر الثقة عند العقلاء ، فإنه بملاحظة بنائهم العملي على اتباع الظاهر وخبر الثقة والاحتجاج بهما يصح انتزاع هذه الحيثيّة من الظاهر والخبر.
وأمّا اعتباريّة كقوله عليه السلام هم حجّتي عليكم وأنا حجة الله فإنه جعل الحجية بالاعتبار.
والوجه في تقديم هذا الوجه على سائر الوجوه ـ مع موافقته لمفهوم الحجّية فلا داعي إلى اعتبار أمر آخر غير هذا المفهوم ـ هو أن المولى إذا كانت له أغراض واقعيّة وعلى طبقها أحكام مولوية ، وكان إيكال الأمر إلى علوم العبيد موجبا لفوات أغراضه الواقعيّة ، إما لقلّة علومهم ، أو لكثرة خطئهم ، وكان إيجاب الاحتياط تصعيبا للأمر منافيا للحكمة وكان خبر الثقة غالب المطابقة ، فلا محالة يعتبر الخبر بحيث يصح الاحتجاج به.
وكل تكليف قام عليه ما يصح الاحتجاج به اعتبارا من المولى كان مخالفته خروجا عن زيّ الرقيّة ورسم العبوديّة وهو ظلم على المولى والظلم مما يذم عليه فاعله.