كان ذا فائدة عائدة إلى المريد إياه.
وحيث إن أفعال المكلفين لا يعود صلاحها وفسادها إلا إليهم ، فلذا لا معنى لانقداح الارادة في النفس النبويّة والولوية فضلا عن المبدأ الأعلى.
مع اختصاصه تعالى بعدم الارادة التشريعية من جهة أخرى تعرضنا لها (١) في مبحث الطلب والارادة مستوفى ، ولعلنا نشير إليها عما قريب إن شاء الله تعالى.
وأما الارادة المتعلقة بنفس البعث والزجر ، فهي ارادة تكوينية لتعلقها بفعل المريد لا بفعل المراد منه ، ولا ترد على ما ورد عليه البعث كما لا يخفى.
وعليه فليس بالنسبة إلى فعل المكلف إرادة أصلا فضلا عن الارادتين ، بل لو فرضنا انبعاث الارادة التشريعية عن فائدة عائدة إلى المراد منه لم يلزم ثبوت ارادتين تشريعيتين ، لما مر مرارا من أن الشوق ما لم يصل إلى حد ينبعث عنه العضلات أو ينبعث منه البعث الحقيقي لا يكاد يكون مصداقا للارادة التكوينية أو التشريعيّة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى عدم مصداقية الانشاء الواقعي للبعث الحقيقي ، فكما لا بعث حقيقي واقعا لا ارادة تشريعية واقعا.
وأما الكلام في اجتماع المثلين أو الضدين من حيث الحكم المجعول واقعا وظاهرا ، فاعلم أن البعث والزجر ليسا جعل ما يدعو إلى الفعل أو الترك بالضرورة ، بداهة دخالة ارادة العبد واختياره في حصول أحدهما ، بل المعقول كما نبهنا ، عليه سابقا جعل ما يدعو بالامكان.
وقد عرفت أن الانشاء بداعي جعل الداعي الذي هو تمام ما بيد المولى لا يعقل أن يتصف بصفة الدعوة إمكانا ، إلا بعد وصوله إلى العبد بنحو من أنحاء الوصول ، ضرورة أن الأمر الواقعي وإن بلغ ما بلغ من الشدة والقوة لا يعقل
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٥١.