ثانيهما اتيان محتملات الواجب الواقعي ، فإنه يوجب حصول اليقين باطاعة الأمر الواقعي وسقوطه.
فاختيار الطريق الثاني على الأول لأحد أمور ثلاثة : فتارة يختاره لداع محبوب وهو الاشتغال بالانقياد المحبوب عقلا في مدة مديدة.
وأخرى يختاره لداع عقلائي وهو فيما إذا كان تحصيل معرفة الواجب أكثر مئونة من اتيان المحتملات فسهولة الطريق تدعوه إلى اختياره.
وثالثة لا لذا ولا لذاك بل لمجرد غرض نفساني ، فتحصيل اليقين من أصله وإن كان كما في سائر الموارد إلا أن تحصيل اليقين من هذا الطريق الخاص لغرض نفساني ، فيصدق اللعب على تحصيل اليقين من هذا الوجه ، لا على نفس الفعل الذي هو سبب لحصول اليقين بالاطاعة.
ومنه تعرف أنه كما لا لعب ولا عبث في الأمر كذلك في كيفيّة إطاعته ، وإنما اللعب في تحصيل اليقين حيث لا مرجح عقلائي لتحصيل اليقين من هذا الوجه ، الخاص ، فتدبره جيدا فإنه دقيق جدّا.
وربما يقال (١) : بلزوم تقديم الامتثال التفصيلي على الإجمالي لا من حيث اعتبار قصد الوجه ، بل من أجل عدم استقلال العقل بحسن الامتثال الإجمالي ، إلا مع عدم التمكن من الامتثال التفصيلي ، نظرا إلى أنه يجب الانبعاث عن شخص أمر المولى وإرادته مع امكانه ، وأن الانبعاث فيما نحن فيه انبعاث عن احتمال البعث ومرتبة الأثر متأخرة عن مرتبة العين ، وأنه مع الشك في ذلك لا مجال ، إلا للاشتغال لا البراءة ، وإن قلنا بها في مثل قصد الوجه ، إذ الشك هنا في كيفية الاطاعة الموكولة إلى حكم العقل ، لا فيما يمكن اعتباره شرعا ولو بأمر آخر ، فليس هنا مجعول شرعي مجهول حتى يحكم برفعه.
__________________
(١) القائل هو المحقق النائيني قدس سره أجود التقريرات : ج ٢ / ٤٤.