في مقام الإثبات.

أما الكلام في مقام الثبوت ، فمحصله : ان الحكم بالتذكية إما أن يكون لأجل توقف حفظ النظام عليه والتسهيل على المؤمنين به. أو لأجل الغلبة ـ أعني : غلبة كون ما في أيدي المسلمين من ذبائحهم ـ وإما لأجل ظهور حال المسلم في إحراز التذكية عند تصرفه المتوقف على التذكية.

فعلى الأول : فهو متحقق بالنسبة إلى ذبيحة المستحل ، لأن غالب المسلمين من أهل السنة ، وهم يستحلون ذبيحة الكتابي ، فالتحرز عن ذبائحهم يوجب العسر والاختلال غالبا.

وعلى الثاني : فكذلك ، لأن معنى الغلبة كون الغالب مما في أيدي المسلمين مذكى لا غيره ، وهو متحقق بالنسبة إلى المستحلين ، إذ الغالب مما في أيديهم كونه مذكى بالذبح لا بالدباغ.

وعلى الثالث : فالامر مشكل ، لأن ظهور حال المسلم بالنسبة إلى المستحل غير جار ، للعلم بأنه يحرز التذكية بالدباغ ، فظهور حاله في إحراز التذكية لا يكشف عن التذكية بالذبح دون الدباغ.

وعلى كل ، ففي الوجهين الأولين لإحراز ملاك الأمارية كفاية.

وأما مقام الإثبات : فالإطلاقات الدالة على أمارية اليد على التذكية مطلقا تامة ، ولا يتوهم وجود مقيد لها الا خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « كان علي بن الحسين عليه‌السلام رجلا صردا فلا تدفئه فراء الحجاز لأن دباغها بالقرظ. فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه. فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الّذي يليه ، وكان يسأل عن ذلك فيقول : ان أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة ويزعمون ان : دباغه ذكاته » (١). والاستدلال بها على

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ٣٣٨ باب : ٦١ من أبواب لباس المصلي ، الحديث : ٢.

۴۵۶۱