المدار في الدعاوي والنزاعات ثبوت الملكية الفعلية المتحققة بحسب الأدلة والقواعد الشرعية المتعارفة ، لا على الملكية الواقعية. والملكية الفعلية ثابتة بالأمارة ـ كما عرفت ـ وهي معلومة بالعلم الوجداني فتصح الشهادة بها.
وقد حكى المحقق الأصفهاني عن المحقق في الشرائع (١) ، كلاما لمنع الشهادة بمقتضى اليد مضمونه : انه لو أوجبت اليد الملك لم تسمع دعوى من يقول الدار التي في يد هذا لي ، كما لا تسمع لو قال ملك هذا لي. انتهى. وقد استظهر منه المحقق الأصفهاني انه في مقام إنكار ثبوت الملكية باليد ، وإلاّ لكان الاعتراف بها مساوقا للاعتراف بالملكية ، فيكون كالاعتراف بالملكية في عدم سماع دعوى المعترف حينئذ.
فحكم بسخافته ـ وهو عجيب منه جدا لما عرف منه من التحفظ على الموازين العرفية والآداب العقلائية في تعبيراته بالنسبة إلى من هو أصغر من المحقق الحلي شأنا وأقصر باعا ـ.
وأورد عليه بوجهين :
الأول : انه إنكار لحجية اليد على الملكية مع انه مسلم ومحل الكلام غير هذا ، فانه جواز الشهادة بمقتضى اليد بعد الفراغ عن حجيتها ، لا كونها توجب الملكية.
الثاني : ان الفرق بين الدعويين موجود ، حيث ان الأولى تتضمن الإقرار بالسبب ـ لأن معنى كون اليد حجة كونها طريقا وسببا ظاهريا للملكية وهو يقبل الفساد ـ وهو لا يكون منافيا ومكذبا لدعواه بملاحظة المناقشة في شرائطه ، كما إذا قال هذا الّذي اشتراه زيد من عمر ـ وهو لي فانه يجامع فساد الشراء ، بخلاف الثانية ، فانها تتضمن الإقرار بملك المدعى عليه ، وهو مناف لدعواه الملك ، فلا يقبل
__________________
(١) المحقق الحلي جعفر بن الحسن. شرائع الإسلام ـ ٣٣٩ ـ الطبعة القديمة.