غير التخيير لا الحكم بالتخيير بين الحديثين.

فمندفعة : بأن إغماض الإمام عليه‌السلام عن بيان الحكم الواقعي في المسألة الخاصة ببيان حكم كلي في المسألة الأصولية الكثيرة الابتلاء ، يمكن ان يكون لمصلحة هناك في نفسه كالمصلحة في عدم الابتداء ببيان الحكم.

مضافا إلى إمكان دعوى (١) ، عدم كون المسئول عنه هو الوظيفة الواقعية بالنسبة إلى الصلاة ، وانما هو حكم الاختلاف بين الاخبار في المورد. فالجواب المناسب هو بيان الحكم لمقام المعارضة لا بيان الوظيفة العملية الفرعية.

واما الرواية الثامنة ـ أعني : مكاتبة الحميري ـ فقد ناقش السيد الخوئي الاستدلال بها أيضا : بأنه لا تعارض بين الحديثين المفروضين في الرواية ، إذ بينهما عموم مطلق ، ومقتضى القاعدة هو الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد الّذي مقتضاه عدم استحباب التكبير بعد التشهد الأول ، وانما حكم الإمام عليه‌السلام باستحباب التكبير والتخيير بين الإتيان به وعدمه ، لأنه ذكر في نفسه ، والذّكر مستحب في الصلاة في جميع أحوالها (٢).

إلاّ ان ما ذكره من ان حكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير واستحباب التكبير باعتبار انه ذكر في نفسه غير وجيه ..

اما على القول بأن للصلاة اجزاء مستحبة كما لها اجزاء واجبة ـ فالقنوت ، مثلا جزء للصلاة إلاّ انه مستحب ـ فواضح ، لأن سؤال السائل عن كون التكبير بعد التشهد الأول في نفسه وبعنوانه الخاصّ من اجزاء الصلاة المستحبة ، فالحكم بالتخيير من باب استحباب الذّكر في نفسه لا تتلاءم مع السؤال ، إذ ليس الذّكر من اجزاء الصلاة المستحبة حتى على هذا القول ، لعدم ثبوت المحل الخاصّ له.

واما على القول بأن المستحبات في الصلاة ليست اجزاء لها ، بل هي

__________________

(١) هذه الدعوى خلاف الظاهر كما لا يخفى.

(٢) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٤٢٥ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۶۱