رجلين في الرواية لا يعلم له وجه بحسب المجرى العرفي. ولو أريد ـ كما هو الظاهر من النص ـ الرجوع إلى ما يتفقان عليه ، فمع الاختلاف لا يكون كل منهما حجة في حكمه ، فلا معنى للسؤال عن الترجيح.

الثانية : ان المفروض في الرواية (١) ، والمسلم عند الفقهاء ، انه لا حق لمجتهد الحكم على خلاف ما حكم به مجتهد آخر ، فكيف يتصور ثبوت حكمين منهما مختلفين؟! ، بل لا بد لأحدهما من إمضاء حكم الآخر الّذي قد حكم أولا.

الثالثة : انه مع صلاحية كل منهما لفصل الخصومة ، لا يتصور عدم عثوره على الرواية المعارضة لما استند إليه ، مع فرض كون الحاكم الآخر من الرّواة ، كما هو الشأن في المجتهدين في زمان الحضور ، إذ عدم عثوره عليها يعني تقصيره في الفحص ، ومعه لا يجوز له القضاء والحكم ، ومع عثوره عليها كيف يحكم على إحداهما بلا ملاحظة ما هو الحكم عند التعارض؟!.

الرابعة : انه من المتسالم عند الفقهاء انه لا حق للمتخاصمين الفحص عن مستند حكم الحاكم ، بل لا بد من التعبد به كيف ما كان ، فكيف يفرض امر الإمام عليه‌السلام لهما بالفحص عن المستند؟!.

الخامسة : ان الرواية أولا وآخرا انما تدل على ترجيح أحد الحكمين على الآخر ، لا إحدى الروايتين على الأخرى ، كما يدل عليه قوله عليه‌السلام : « الحكم ما حكم به أعدلهما .. » وقوله عليه‌السلام : « فيؤخذ به ( يعني بالمجمع عليه ) من حكمهما ويترك الشاذ الّذي ليس بمشهور » ، وقوله عليه‌السلام : « ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف الكتاب .. ».

السادسة : انه لو سلم كونها في مقام ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى ، فهي ظاهرة في مقام عدم كون التعارض بين السندين ـ كما هو مفروض البحث ـ ، بل التعارض في مقام آخر.

__________________

(١) بقوله عليه‌السلام : الرادّ عليه كالرادّ على الله.

۴۵۶۱