الإنشاء ، بل كان الإنشاء بداع آخر غير الواقع وهو الاحتراز عن الضرر ، فالغرض متمحض في الإظهار لا غير ، فلا يجب على المكلف الأخذ بذلك.

وتشبيه مورد النسخ بمورد التقية ـ بتقريب كونه يرجع إلى بيان ان صدور الحكم لم يكن عن إرادة واقعية بحيث يتحتم على المكلف الالتزام به ، بل كان هناك غرض آخر ـ يتناسب مع إرادة المعنى الثاني من التقية ، إذ على الأول يجب على المكلف الأخذ بالحكم للإرادة الجدية على طبقه ، ويكون ارتفاعه عند ارتفاع ملاكه من باب تبدل الموضوع كالمسافر والحاضر.

وعليه ، يكون النسخ والتخصيص في مرحلة واحدة ، إذ التخصيص يكشف أيضا عن عدم الإرادة الحقيقية على طبق العام. فالدليل الناسخ والمخصص يشتركان في ان مفادهما نفي ظهور الدليل في مفاده جدا وحقيقة ، فالتصادم يرجع إلى مرحلة الدلالة والكشف عن المراد الجدي :

فتتجه حينئذ مراعاة المرجحات الدلالية.

هذا إذا كان مراده بالتقية في مقام الحكم ذلك ، كما هو المشهور. واما إذا كان مراده منها معنى يجتمع مع الإرادة الحقيقية للحكم ، وذلك بأن تكون التقية هي صدور الحكم وإرادته جدا ، ولكن لا بداعي الجد بل بداعي حفظ النّفس ـ مثلا ـ وهو أيضا لا يجب امتثاله ، لأنه وان كان مرادا جدا لكن إرادته الجدية لم تكن بداعي الجد ، فيكون معنى النسخ حينئذ غير ما ذكر من رجوعه إلى بيان عدم القصد الحقيقي على طبق المنسوخ.

بل هو : ان يكون الكلام على طبقه مراد حقيقي ، إلاّ ان هذا لم يكن عن داعي الجد في الواقع على حد تعبيره ، بل كان بداع آخر ، فالنسخ بيان لعدم كون المراد الواقعي عن داعي الجد ، فيختلف حينئذ عن التخصيص مرحلة ، لأن التخصيص بيان لعدم كون العموم مرادا جدا ، فهو في مرحلة المراد الحقيقي ، والنسخ بيان لعدم كون المراد الجدي بداعي الجد وبملاك واقعي بل كان بداع آخر ، فهو في مرحلة

۴۵۶۱