يمتنع ان يتكفل بيان استمراره لتأخره عن وجود الجعل ، إلاّ انه بالدلالة الالتزامية يمكن ان يتكفل بيان الاستمرار.

بيان ذلك : ان فعلية الحكم المجعول بنحو القضية الحقيقية لا تتحقق الا مع بقاء الجعل إلى زمان فعليته ، فمثلا : لو علق الحكم على امر لم يكن حال الجعل بحاصل ثم حصل ، فالحكم انما يكون فعليا في هذا الفرض ـ أعني : فرض حصول الشرط ـ لو كان الجعل مستمرا إلى هذا الزمان ، وإلاّ فلو رفع الجعل لم يصر الحكم فعليا كما هو واضح جدا. كما انه يلغو الجعل لأمر متأخر إذا فرض رفع اليد عنه ، لأن الجعل إنما هو بلحاظ تحقق المجعول وهو لا يتحقق مع رفع الجعل ، ففعلية الحكم تستلزم استمرار الجعل ودوامه.

وعليه ، فالدليل المتكفل لجعل الحكم في زمان وفعليته في وقت يدل بالالتزام على استمرار الجعل إلى ذلك الوقت ، فالدليل يتكفل بيان استمرار الجعل بالالتزام

__________________

الإنشاء يتصرم بتصرم الاستعمال. وإذا فرض ان الجعل بمعنى الإنشاء كما بيّنّاه في مبحث القطع ، كان متصرم الوجود فلا بقاء له.

نعم ، الأثر يترتب عليه لمجرد حدوثه ، فإذا حصل الإنشاء في ظرف يتحقق المنشأ في ظرفه ولو كان بعيدا عن ظرف الإنشاء ، بل ولو لم يكن المنشأ في ذلك الظرف قابلا للاعتبار ، كما في الوصية بوقف داره بعد موته بسنة.

وعلى هذا ، فلا يتصور الشك في بقاء الجعل كي يرجع فيه إلى الإطلاق أو غير ذلك.

نعم ، هنا شيء ، وهو : ان المنشأ انما يترتب في ظرفه اللاحق على الإنشاء السابق إذا لم يرفع المنشئ اليد عن المنشأ ، أو أنشأ ما أنشأه أولا ، وهذا الشرط اما هو مأخوذ بوجوده الواقعي أو مأخوذ بوجوده العلمي ، بأن يكون عدم العلم وعدم وصول الجعل المخالف كافيا في تحقق المنشأ في ظرفه لدى العقلاء ، فالشك في النسخ يرجع إلى الشك في تحقق إنشاء مخالف للإنشاء السابق ، فيمكن ان يرجع في نفيه إلى الاستصحاب.

لكن الاستصحاب لا يقاوم العموم ، فإذا تأخر العام عن الخاصّ كان حاكما أو واردا على الاستصحاب ، وكان متكفلا لبيان تحقق الإنشاء المخالف.

واما ما ذكره المحقق النائيني من الرجوع إلى الخاصّ والحكم بالتخصيص في هذه الحال.

فهو غريب كما أوضحناه في المتن. فلاحظ.

۴۵۶۱