مقدمات الحكمة.

فعلى البناء على كون مجراها هو المراد الجدي ـ كما عليه النائيني ـ يكون العام مقدما على المطلق بلا كلام ، لأنه رافع لمقدماته فيختل الإطلاق ـ لكن الأمر الّذي لم يعلم وجهه هو التزام المحقق النائيني بذلك مع التزامه بأن دلالة العام على العموم بالإطلاق لا بالوضع ، إذ يكون التعارض على هذا بين الإطلاقين ـ وعلى البناء على كون مجراها هو المراد الاستعمالي ـ كما عليه الآخوند ـ لا وجه لتقدم العام على المطلق ، لانعقاد ظهور المطلق في الإطلاق قبل ورود العام ، لتمامية مقدمات الحكمة ، فتكون المعارضة بين شمول كل منهما وإطلاق الآخر فترجع المعارضة إلى الشمولين.

وكون شمول العام بالوضع وشمول المطلق بالقرينة العقلية ، لا يوجب تقدم العام على المطلق ، إذ لم يعلم أقوائيتها من الدلالة العقلية.

نعم ، لو كان الشمول في المراد الجدي ـ بمعنى ان مقتضى المقدمات العقلية هو العموم في المراد الجدي ـ كان العام مقدما عليه ، لأن ملاك الشمول في الإطلاق هو تساوي الإقدام وعدم الميزة لبعض الافراد على بعض ، فيكون تخصيص بعضها

__________________

العالم » ، وهنا يصح ان يسأل ان المراد بالعالم خصوص الفقيه أو الأعم ، وهذا يكشف عن عدم إفادة لفظ : « كل » التعميم من حيث أنواع العالم ، فلا بد من دليل آخر يدل على التوسعة ، وهو ليس إلاّ مقدمات الحكمة.

ثالثا : انه لو فرض كون الدلالة على العموم بواسطة الأداة ، لأشكل الأمر في تقديم الخاصّ على العام ، بل كانا متعارضين ، بناء على ما عرفت من ان دلالة اللفظ على المعنى دلالة قطعية ، فلا وجه حينئذ لتقديم الخاصّ على العام الّذي هو مبنى السيرة العقلائية العرفية. ووجه ذلك منحصر بالالتزام بكون دلالة الأداة على العموم يتبع سعة المدخول المستفاد من جريان مقدمات الحكمة فيه.

وبالجملة : فلفظ : « كل » يفيد شمول الحكم لجميع الأفراد ، في قبال العموم البدلي الّذي لا يكون الحكم متعلقا الا بفرد على البدل ، اما تعلق الحكم بكل فرد فرد أو بالمجموع ، فهو خارج عن مفاد لفظة : « كل » ، بل يستفاد من قرائن أخرى ، فتدبر.

۴۵۶۱