متعلق بجامع انتزاعي (١) ـ ، بان يقال : انه كما يلتزم في باب الواجب بهذا الأمر كذلك يلتزم به في باب الحجية ، فيقال ان موضوع الحجية هو أحد الدليلين ، وهو جامع انتزاعي ينطبق على كل من الدليلين ، وهو معنى التخيير الشرعي في باب الحجية والدليليّة ، فلأن الفرق بين المقامين موجود. لأن التخيير في الوجوب في متعلق الحكم الّذي يكون الحكم محركا إليه وباعثا نحوه ، والمتعلق لا بد من فرضه غير موجود خارجا حال الحكم ، بل يتعلق به الحكم ليحصل الانبعاث نحوه. فيمكن ان يتعلق الحكم بالطبيعي أو الجامع الانتزاعي ، فيوجد بوجود أحد فرديه.
اما الدليلان ، فهما موضوعا الحجية لا متعلقا لها. والموضوع لا بد من فرض وجوده سابقا على الحكم ، كنفس المكلف بالنسبة إلى أحكامه. فلو وجد الدليلان فكل منهما ينطبق عليه عنوان : « أحدهما » ، فيدور الأمر حينئذ بين ان يكون كلاهما موضوعين للحجية ، أو أحدهما المعين. أو أحدهما على البدل.
وكل من الاحتمالات باطل ..
اما الأول : فلأنه خلاف الفرض ، لأن الفرض هو التخيير في الحجية لا ان كلا منهما حجة.
واما الثاني : فلأنه ترجيح بلا مرجح.
واما الثالث : فلأن أحدهما على البدل لا وجود له خارجا ، لأن كل فرد عبارة عن نفسه لا عبارة عنه أو غيره. فالموجود خارجا هو الفرد نفسه لا الفرد أو غيره.
وعليه ، فالالتزام بهذا النحو من التخيير مشكل ثبوتا. ولو تنزلنا عن ذلك وقلنا بإمكانه في عالم الثبوت ، ففيه :
أولا : انه لا يجدي في إجراء آثار التخيير المفروضة ، وهي صحة الالتزام بمؤدى أحدهما والحكم والفتوى بمقتضاه ، أو العمل على طبقه بقصد التقرب لو كان متوقفا عليه ، ونحو ذلك.
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٨٤ ـ الطبعة الأولى.