التعبدية المتكفلة لأحكام التعارض فالامر واضح ، ويكون المرجع فيه هو الأحكام العرفية من التساقط أو التخيير.

واما بناء على دخوله في موضوع الأدلة ، فمحل الكلام في هذه الجهة ما كان الحكمان المتنافيان واردين على موضوعين ، بحيث يكون منشأ التنافي هو خصوص العجز لا ما إذا كانا واردين على موضوع واحد ـ كالوجوب والحرمة المستفادين من مثل : « أكرم العلماء ولا تكرم الفساق » المجتمعين على العالم الفاسق ـ فانه موضوع الكلام في الجهة الثالثة ، فانتظر.

وتحقيق الكلام في محل الكلام : انه اما ان يكون لأحد المتعلقين مزية على الآخر بحيث توجب قوة اقتضائه للحكم. أو يتساويان في الأهمية.

فعلى الأوّل : يتقدم الأهم وتتضيق دائرة إطلاق المهم بحكم العقل.

بيان ذلك : ان كلا من الحكمين ذو مقتضى ثبوتا ، ـ وهو الملاك ـ وإثباتا ـ وهو الإطلاق ـ إلاّ انه لما كان مقتضى الثبوت ـ أعني : الملاك ـ في أحدهما أقوى من مقتضى الآخر ، يرى العقل ان الأهم صالح للمانعية عن المهم ثبوتا لحكمه بلزوم صرف القدرة إلى متعلقه دون متعلق المهم ، فيمنع من شمول الإطلاق للفرد المهم في صورة المزاحمة ، ولا يرى ذلك ـ أي المانعية ـ في طرف المهم ، لأنه غير صالح لمنع ثبوت الأهم ، فيبقى إطلاقه سالما حال المزاحمة ، وبذلك يرتفع التنافي بين الإطلاقين ، لأن أحد الإطلاقين بضميمة حكم العقل بلزوم صرف القدرة في الفرد الأهم لا يشمل هذا الغرض لعدم القدرة على متعلقه.

ومع ارتفاع المنافاة بين الإطلاقين يخرج المورد عن التعارض موضوعا ، فلا مجال للقول بجريان أحكامه فيه.

وعلى الثاني : فالحكم هو التخيير ، إلاّ انه ..

تارة : يكون بالالتزام بالترتب ، بمعنى تقييد امر أحدهما بعدم الإتيان بالآخر. وهذا رافع للتنافي الموجود بالنظر البدوي ، لثبوت الأمر في صورة عدم امتثال الآخر

۴۵۶۱