وعلى كل ، فيقع الكلام فيما أفاده المحقق النائيني قدس‌سره من تفسير التزاحم بالتنافي في مرحلة الفعلية لا في مرحلة الجعل ، وان تعيين الوظيفة ليس براجع إلى المولى الجاعل بل إلى غيره.

وتحقيق الحال : ان ما ذكره لو تمّ متين جدا ، لأنه يوجب انحياز موارد التعارض عن التزاحم بالكلية ، لأن التعارض الّذي يهمنا البحث عنه وعن الفرق بينه وبين التزاحم هو التنافي بين الأدلة ـ كما عرفت ـ سواء أكان بلحاظ الدليليّة أو الدلالة.

وهذا المعنى ليس بثابت في مورد التزاحم على هذا الاختيار ، لأن التنافي في مرحلة الفعلية ان تم انفصاله عن عالم التشريع والجعل ـ كما هو الفرض ـ لم يكن مرتبطا بالأدلة كما هو ظاهر جدا ويكون أجنبيا عن التعارض بمفهومه العرفي الّذي ذكرناه ، وبه يكون محط الأحكام. إلاّ انّ تماميته والتسليم بأن مثل هذا التنافي لا يسري إلى مرحلة الجعل محل نظر.

بيان ذلك : ان المأخوذ في موضوع التكليف في مثل المثال الّذي استشهد به على كون التنافي في مرحلة الفعلية دون الجعل ، اما ان يكون هو القدرة في حد نفسها ـ مع قطع النّظر عن المزاحمة ـ أو يكون المأخوذ هو القدرة الفعلية ولو مع المزاحمة. فان كان المأخوذ هو القدرة الفعلية ، فلا تحقق لها فيما نحن فيه في كل من المتعلقين ، فيكون المورد من موارد عدم وجود الموضوع ، فلا معنى لفرض التزاحم.

وان كان المأخوذ هو القدرة في حد نفسها ـ كما هو الظاهر من فرض التزاحم ، بل بدونه ـ فهي متحققة بالنسبة إلى كل من المتعلقين ، لأن كلا من الإنقاذين مقدور بنفسه ومع قطع النّظر عن مزاحمه ، فيكون كلا منهما فعلي الحكم لتحقق شرطه ، فيحصل التدافع بين الحكمين الفعليين ، إذ لا يمكن امتثالهما معا لعدم القدرة على كلا الإنقاذين بنحو الجمع ، إذ الموجود قدرة واحدة يتردد صرفها في أحد الفردين ، وبذلك يلغو جعل كلا الحكمين معا ـ كما يلغو جعل الحكم على غير

۴۵۶۱