الإطلاق يكون حجة وقاعدة للمكلف حتى تقوم حجة أقوى على خلافه ، فاستعمال العام في الاستغراق وان لم يكن بإرادة جدية للعموم إلاّ انه لا يكون بذلك لغوا لكونه مستتبعا لتحقق الحجية بالنسبة إلى مورد القيد ، وهو كاف في رفع اللغوية ، لأن جعل الحجية بنفسه أثر عقلائي يرفع اللغوية (١).

الثاني : ما أفاده المحقق الأصفهاني من وجود الإرادة الجدية على طبق العموم حين الاستعمال إلاّ انها محدودة لورود التخصيص ، فهي في غير مورد التخصيص مستمرة لاقتضاء مصلحتها ذلك ، وامّا فيه فمرتفعة بورود التخصيص ، فيكون ورود التخصيص بالنسبة إلى الإرادة الواقعية من قبيل الناسخ (٢).

وليس المهم في المقام تحقيق أي الوجهين ، فانه متروك إلى محله ، بل المهم هو الإشارة إلى وجود ما يرفع اللغوية المتوهمة في الاستعمال.

واما المقام الثاني : فتحقيق الحال فيه : ان المطلق والمقيد تارة يكونان متفقين في الإثبات والنفي كـ : « أكرم العالم » و « أكرم العالم العادل » أو : « لا تكرم الجاهل » و : « لا تكرم الجاهل الفاسق ». وأخرى يكونان مختلفين نفيا وإثباتا نظير : « أكرم العالم » و : « لا تكرم العالم الفاسق ».

فأفاد صاحب الكفاية : انه مع الاختلاف نفيا وإثباتا ، فلا إشكال في تقديم المقيد على المطلق.

واما مع الاتفاق في النفي والإثبات ، فيدور الأمر بين التصرف في المطلق بحمله على المقيد والتصرف في المقيد بحمله على بيان أفضل الافراد. إلاّ انه بعد ان ذكر هذا اختار تقديم المقيد وحمل المطلق عليه لأنه أظهر في التعيين ـ بمعنى دخالة الخصوصية في الحكم لظهور القيد في كونه احترازيا ، لا التعيين مقابل التخيير حتى يقال انه يستفاد من إطلاق القيد لا وضعه وظهوره. فيدور الأمر بين الإطلاقين فلا

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢١٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٣١ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۶۱