وهو ما تعرض إليه في الكفاية في مبحث المطلق والمقيد من : ان المراد من البيان المأخوذ في إحدى مقدمات الحكمة هل هو بيان المراد الاستعمالي أو بيان المراد الجدي الواقعي (١).

وتوضيح ذلك : ان كون الآمر في مقام البيان هل المراد منه كونه في مقام بيان مراده الاستعمالي ، يعني ما يقصد تفهيمه من اللفظ وإحضاره في ذهن المخاطب بواسطته ، من الإطلاق أو التقييد ، فإذا لم يأت بالقيد يعلم منه انه أراد منه تفهيم المطلق لا المقيد وإلاّ لقيّد.

أو المراد منه كونه في مقام بيان المراد الواقعي لمصب الحكم من نفس الذات أو الذات المقيدة ، فإذا لم يرد المقيد في الدليل يكشف عن ان مراده الواقعي هو الذات المطلقة لا المقيدة ، وإلاّ لبينها بالإتيان بالقيد مع المطلق ، فيدلان على المقيد بنحو تعدد الدال والمدلول؟.

والثمرة في الخلاف تظهر فيما لو ورد المقيد المنفصل.

فانه على الأول لا ينثلم بوروده الإطلاق ، لأن المقيد انما يكشف عن ان المراد الواقعي هو غير المطلق ، فهو يوجب التصرف في المراد الواقعي لا في الإطلاق ، بل المطلق على حاله واستعماله في الإطلاق ـ إذ لا تصرف للمقيد في المطلق في مرحلة الاستعمال كما لا يخفى ـ فيصح التمسك به في غير مورد التقييد ، في إثبات كون المراد الواقعي غير المقيد مطلقا.

واما على الثاني : فينثلم إطلاق المطلق ، لأن ورود التقييد يكشف عن ان

__________________

القطعي ، والنسبة بينهما هي العموم من وجه.

ولكنه توهم فاسد المنشأ ، وذلك لأنك عرفت ان ورود النص يستلزم سقوط الظاهر عن ظهوره. وعليه فبما ان دليل الحجية يتكفل التعبد بصدور كل ما كان امرا ممكنا ولا يلزم منه محذور على تقدير ثبوته واقعا ، لم يكن مانع من التعبد بصدور النص ، إذ لا محذور على تقدير ثبوته لعدم صلاحية الظاهر لمصادمته ، بل هو ناف للظاهر ومسقط له ، فتدبر.

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٤٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۶۱