بالجواز عرفا.

وأما تقريبه لعدم الانقلاب بأن اليد أمارة ، والأمارة على المسبب أمارة على السبب. فهو غير وجيه على مذهبه في ان الأمارة ليست حجة في لوازمها ، وانها كالأصل في ذلك وليس تحقق السبب الناقل ملزوم أعم للملكية الواقعية والظاهرية كي يثبت بثبوت الملكية الفعلية باليد ، وانما هو ملزوم للملكية الواقعية ، ولا ملازمة بين الحكم بالملكية ظاهرا وتحقق السبب الناقل ظاهرا.

وعليه ، فلا حجة لذي اليد على تحقق السبب الناقل ، فيحصل الانقلاب لموافقة قول المدعي الأول للأصل وهو استصحاب عدم السبب الناقل ، فله المطالبة بالبينة عليه ويكون ذو اليد مدعيا.

ثم لا يخفى ان الأصل المذكور ـ أعني : أصالة عدم تحقق السبب الناقل ـ انما يتعبد به بلحاظ ما يترتب على نفس التعبد من أثر شرعي من جواز المطالبة بالبينة لمن وافقه قوله وهو المقر له بمقتضى الإقرار ، لا بلحاظ ما يترتب على نفس المتعبد به من أثر وهو بقاء ملكية المقر له لأن ذلك ينافي مفاد اليد من ملكية ذي اليد ، والمفروض بقاؤها على حجيتها بالنسبة إلى الملكية الفعلية ، ولا يكون الإقرار موجبا لارتفاع حجيتها ، بل لازم الإقرار هو جعل المدعي طرفا للأصل المذكور فيكون منكرا بمقتضاه لا أكثر ، كما هو شأن جميع الأصول الجارية في طرف الدعوى ، لأن المفروض ان المدعي يدعي العلم بعدم تحقق مفاد الأصل وانقلاب الحالة السابقة ، فلا يجري الأصل في حقه كي يثبت قول المنكر.

نعم ، انما يجري الأصل في حق المنكر ، بل هو لا يجري في حقه أيضا لأنه يعلم بالبقاء ، والحاكم لا يحق له خصم الدعوى بإجراء الأصل ، لأن القضاء لا بد ان يكون بالبينات والأيمان كما هو مقتضى النبوي المشهور (١) ، فلا فائدة في الأصل إلا

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ ـ ٥١٨ ، الحديث ١٨٥٧.

۴۵۶۱