بفراغ الذّمّة فلا تنافي العلم الإجمالي.
ومنه يتضح أيضا الوجه في الحكم بجريان الأصول فيما لو توضأ بمائع مردد بين الماء والبول ، ونظيره مما يكون التلازم بين مجرى أحد الأصلين وعدم مجرى الآخر ، فان استصحاب الطهارة لا يتكفل التنجيز إذ الطهارة ليست حكما اقتضائيا ، فلا تنافي بين الأصلين وبين العلم الإجمالي ، فتدبر جيدا.
وأما توجيه ما ذكره الشيخ من جريان الأصلين في الفرض مع التزامه سابقا بقصور الأدلة عن شمول موارد العلم الإجمالي ، فبتقريب : أن المعلوم بالإجمال ـ وهو زوال أحدهما ـ لا يترتب عليه أثر شرعي ، إذ الواحد المردد بينهما ليس بموضوع لأثر شرعي ، فلا يكون مشمولا للذيل ، وهو وجوب النقض إذ لا يشمل إلاّ ما كان مورد الأثر.
وعليه فيبقى الصدر بلا مزاحم ، فيشمل بإطلاقه المورد ، ولا مانع منه ، إذ لا يلزم من جريانها مخالفة عملية لتكليف منجز.
وبالجملة : ما يكون مانعا عن ثبوت المقتضي لجريان الأصلين وعن تأثيره مفقود في الفرض ، فيثبت الأصلان. وقد أشار قدسسره إلى ذلك في كلامه ، فلاحظه وتأمل والله ولي العصمة.
انتهى تحرير مبحث تعارض الاستصحاب مع غيره من الأصول والأمارات في يوم الأربعاء السابع عشر من شهر رجب في السنة الثالثة والثمانين بعد الألف والثلاثمائة ، واما تدريسه فقد انتهى في تمام من ربيع الأول من هذه السنة ، ويليه مبحث التعادل والترجيح.