أيضا يتكفل ـ في نفسه ـ التعبد باليقين بنجاسة الثوب بقاء ، فأحد الأصلين يتكفل التعبد باليقين ببقاء المستصحب والآخر يتكفل التعبد باليقين بزواله ، فكيف يجعل أحدهما حاكما على الآخر؟ وبأي ملاك يكون ذلك؟.

ونتيجة ما ذكرناه : أن الأصل السببي لا يكون بدلالته الالتزامية الشرعية حاكما على الأصل المسببي ، إذ لا يتكفل رفع الموضوع تعبدا ، بل الأصلان متعارضان ، فالأصل المسببي بدلالته المطابقية يعارض الأصل السببي بدلالته الالتزامية ـ إذ دلالته المطابقية لا تتنافى بنفسها مع دلالة الأصل المسببي ـ وعليه فالأصل السببي ..

اما ان يكون مجراه ذا أثر آخر غير المشكوك في مورد الأصل المسببي ، كطهارة الماء ، فان لها أثر غير طهارة الثوب المشكوكة وهو حلية الشرب.

وإما ان ينحصر اثره الشرعي بالمشكوك بالشك المسببي.

فعلى الأول : يكون الأصل السببي متكفلا بالالتزام الشرعي لثبوت كلا الأثرين من حلية الشرب وطهارة الثوب في استصحاب طهارة الماء. والأصل المسببي بدلالته على نجاسة الثوب إنما ينافيه في إحدى دلالتيه الالتزاميتين ، وهي دلالته طهارة الثوب المغسول بالماء ، فالمعارضة انما تكون بين هذه الدلالة الالتزامية وبين الأصل المسببي ، فتجري قواعد التعارض بينهما بالخصوص ويبقى الأصل السببي بدلالته المطابقية والالتزامية الأخرى سالما عن المعارض فيلتزم به.

هذا إذا قلنا بان للأصل دلالات التزامية متعددة بتعدد الآثار ، ولم نقل بان دلالة الأصل السببي على ترتب آثاره المتعددة بدلالة التزامية واحدة تتكفل ترتب جميع آثاره بنحو الإطلاق ، وإلا فمع القول بذلك يكون الأصل المسببي مقيدا لإطلاق الدلالة الالتزامية وبذلك يجمع بينهما عملا.

وعلى الثاني : فالتعارض بين الدلالة الالتزامية الوحيدة للأصل السببي والدلالة المطابقية للأصل المسببي ، ومقتضى التعارض التساقط ، وبعده يبقى مجرى

۴۵۶۱