الأصل السببي بجريانه يمنع من شمول العموم لمورد الأصل المسببي ، وذلك لأن العام انما هو عدم نقض اليقين بالشك ، ومع جريان الأصل السببي لا يكون نقض اليقين في مورد الأصل المسببي بالشك ، بل بالدليل ، وان كان موضوع الحكم وهو الشك واليقين ثابتا. بخلاف العكس ، فانه بجريان الأصل المسببي لا يرتفع صدق النقض بالشك في مورد الأصل السببي ، فالأصل السببي بجريانه يتصرف في محمول الأصل المسببي ـ وهو النقض بالشك ـ لا في موضوعه ـ وهو الشك ـ فالتفت (١).
والإشكال عليه : بان ما ذكر من عدم قابلية مورد الشك المسببي لشمول العموم له انما يتحقق على تقدير الالتزام بالأصل السببي ، ولكنه محل الكلام وما هو الوجه في الالتزام به وطرح الأصل المسببي؟.
مندفع : بان مقتضى شمول العام ـ وهو حرمة النقض في مورد الشك السببي ـ ثابت لصدق النقض بالشك والمانع مشكوك فينفي بأصالة عدم التخصيص. بخلاف الشك المسببي ، فان مقتضى الشمول ـ وهو صدق النقض بالشك ـ معلق على عدم ثبوت العام في مورد الشك السببي ، وقد عرفت ثبوته بأصالة عدم التخصيص.
وعليه : فقد يشكل : بأنه بعد فرض ان موضوع الحكم في كلا الموردين ثابت وهو اليقين السابق والشك اللاحق ـ ولما كانت نسبة الحكم بعدم النقض إليهما على حد سواء إذ نسبة حكم العام إلى افراده بالسوية ، لأنها جميعها في عرض واحد ، لم يكن وجه لجعل شمول الحكم العام لفرد ببناء العقلاء على أصالة عدم التخصيص مانعا عن شموله لفرد آخر ، لأن أصالة عدم التخصيص جارية فيهما على حد سواء مع قطع النّظر عن الآخر.
وعليه ، فلا وجه لجعل أصالة عدم التخصيص في مورد الشك السببي مانعة عن شمول العام لمورد الشك المسببي ، إذ لو لا جريانه وثبوت حكم العام لمورد الشك
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٤٢٥ ـ الطبعة القديمة.